الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
تاسعا: الفروق الشرعية:

يراد بالفروق الأمور التي تفترق بها المتشابهات في الصور والمباني والأسماء، إذ إن هذه المتشابهات تختلف في الحقائق والمعاني والأحكام الشـرعية. والعـلم بالفروق مهـم جـدا في التفريق بين الأشياء أو الأفعال أو الأمور المتشابهة في الظاهر والمبنى والمختلفة في الحقيقة والمعنى. ومثال ذلك: التفريق بين الرشوة والهدية، وبين البيع والربا، وبين النكاح والسفاح. وهناك ما يعرف بالفروق بين القواعد وبين الأحكام وبين المصطلحات... وقد تناول العلماء قديما وحديثا أشياء كثيرة من هذا العلم الدقيق والرقيق والعميق. وهو في حاجة أكيدة وملحة لزيادة النظر فيه وتخريج كنوزه وإظهار إشراقاته وأنواره لإضاءة الطريق وإنارة السبيل لمواجهة المشكلات العويصة وتجاوز الصخرات العظام من أجل الوصول إلى المقصود بأقوم الوسائل وأفضل المقاصد وأحوط البدائل وأسلم النتائج.

ونازلة العنف في عصرنا الحاضر تلبست بعبارات تتشابه معها أو تتلبس وتتصل بها، ومن ذلك: عبارة الإرهاب والتدمير والشدة والغلظة والتعسير، وعبارة الجهاد والقتال والمقاومة، وعبارة العقوبة والتأديب والتعزير.

وهذا كله يدعو إلى تحرير هذه المصطلحات وبيان مراداتها وضبط مدلولاتها، بناء على علوم الشريعة وفنونها ومعطياتها، وانطلاقا من علم الفروق الذي يفرق بين هذه العبارات تفريقا مبنيا على كشف الحقائق [ ص: 42 ] وفحص البواطن وجرد الوقائع وتقصي الجزئيات وضبط الدلالات ورسم العلائق، وغير ذلك. وأحسب أن الإلمام بهذا العلم وحيازة صناعته سيرسخ الفهم الدقيق للأمور وسينهض بالمسألة المصطلحة وبضبط مدلولها وتحديد أثرها ونفي اللبس والاشتباه عنها، وهذا خير كثير. والله خير الرازقين.

التالي السابق


الخدمات العلمية