الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
- سبل المعالجة على مستوى المضمون الفقهي:

وذلك بضرورة العناية بهذا المضمون الفقهي كإطار معرفي ومحتوى علمي متكامل ومتناسق ومتناغم, وكمنهجية في الفهم وفي التطبيق والتفعيل بما يحقق العقلية الفقهية المتكاملة التي لا ترى للعنف سبيلا ولا للتطرف [ ص: 75 ] طريقا, وإنمـا العقلية التي يكون أداؤها الحياتي والحضاري انعكاسا ونتاجا لهذا المضمون الفقهي, حقيقة ومدلولا ومنهجا.

وحقيقة هذا المضمون قد بينته في بدايات هذا البحث وثناياه. ويراد به حقيقة الفقه بكل فنونه وعلومه وبجميع أصوله وفروعه وبكافة مقاصده ومظاهره وبكل آدابه وأخلاقه وبشتى مذاهبه ومناهجه ومعالجاته ومسايراته ومواكباته. فإذا تمت العناية بهذا المضمون على صعد التربية والتعليم والخطابة والتدريس والإفتاء والاجتهاد والقضاء والتشريع والتقنين والإعلام والتدوين والتثقيف والتنظير والتأليف والتحقيق والمناظرات والمناقشات والمحـاورات والنـدوات والمجامـع والجامعات والجمعـيات والجوامـع، فإنه من الممكن القول: إن الضمـانة العلمية هذه تظل خير كفيل وأفضل سبيل في معالجة حالات العنف، أو في التوقي منها قبل وقوعها، بإزالة الأسباب العلمية والمعرفية التي تؤدي إليها، وبصياغة العقليات الثقافية وبناء رأي عام فقهي إسلامي ينبذ العنف ويدينه ولا يعتقده ولا يتعبد الله تعالى به.

ولعل هذا المضمون الفقهي قد يرقى إلى درجة تحديد موضوعـات له وتفصيلها وتحليلها، بما يستجيب لواقع العصر ويساير قضاياه وحوادثه بروح أصيلة ومبدعة، وبما يجلي حقائق مفردات كثيرة لها اتصال ما بحالة العنف وباتجاهات قراءاتـها والتعاطي معها، وبما يدقق القول العلمي في ماهيات هذه الموضوعات ومدلولاتها ومجالاتها ومتعلقاتها. [ ص: 76 ]

ومن هذه الموضوعات:

(فقه البدائل )، (فقه الأقليات)، (فقه الموازنات)، (فقه المآلات)، (فقه الجمعيات)، (فقه المؤسسات)، (فقه النوازل)، (فقه الجهاد ) ، (فقه التعايش والاندماج مع الآخر)، (فقه التدافع)، (فقه المواطنة )...

وتقبل هذه الموضوعات الدراسة العلمية التخصصية الدقيقة لتجعلها بناء معرفيا شرعيا، له مدلوله وأثره في مجالات حياتية كثيرة، منها مجال التعامل مع المخالف وتحديد نوع التصرف إزاءه باستبعاد العنف كفرع لهذا النوع.

وهي تجلي حقائق كثيرة وترفع متشابهات عدة وتجمع جهودا مختلفة وتوفق إرادات متنوعة. وهي جديرة بالاهتمام إسهاما في العناية بالمضمون الفقهي المنشود في عصرنا الحالي وفي مستقبلنا القريب بالخصوص.

التالي السابق


الخدمات العلمية