الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      الإقالة في الكراء قال : وقال مالك : من تكارى ظهرا على حمولة إلى بلد من البلدان أو إلى الحج فنقده الكراء أو لم ينقده حتى يبدو للمكاري أو للمتكاري فسأل أحدهما صاحبه أن يقيله برأس المال أو بزيادة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما ما لم يبرحا ولم يرتحلا ، فإن كان لم ينقده فلا بأس بالزيادة ممن كانت من المكري أو المتكاري ويفسخ الأمر بينهما .

                                                                                                                                                                                      وأما إن كان نقده وتفرقا فلا بأس بالزيادة من المكتري ، ولا خير فيها من الكري إن انتقد ; لأنه يصير كأنه أسلفه مائة في عشرين ومائة وكان القول بينهما في الكراء محللا وإن سار من الطريق ما يتهم في قرية ما يخاف أن يكونا إنما جعلاه لعلته تحليلا بينهما وذريعة إلى الربا ، فالتهمة بينهما بحالها فلا خير في ذلك ، وإن سار من الطريق ما يعلم أنهما لم يقصدا لذلك لبعد ما سارا فلا بأس بأن تكون الزيادة من قبل الكري ، وإن كان قد انتقد ; لأنهما لا يتهمان فيه ، وإن زاد أكثر مما أعطاه بكثير ولا يؤخره ، فإن دخله تأخير كان من وجه الدين بالدين ، قال : وإن زاده المكتري فلا بأس بذلك قبل الركوب وبعده ، وإن كانا إنما سارا الشيء القليل فزاده الكري فالتهمة بحالها . [ ص: 510 ] قال : وهذا الذي وصفت لك من الإقالة في أمر الكراء هو مخالف للبيوع ، وهذا كله قول مالك قال : وإذا أقاله وكان قد نقده مائة دينار كراءه كله فأقاله على أن يزيده المكتري عشرة دنانير على أن يرد المكري إلى المكتري المائة الدينار التي أخذها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فلا يصلح أن يعطيه المتكاري العشرة الدنانير التي يزيده إلا أن يعطيه إياها من المائة الدينار التي يأخذها مقاصة ; لأنه يدخله دنانير وعروض بدنانير . ألا ترى أنه اشترى من المكتري ركوبه وعشرة دنانير بمائة دينار فلا يجوز هذا ، فإذا رد عليه من المائة عشرة دنانير فهذا لا يدخله البيع وإنما هذا رجل أقاله من الكراء الذي كان له على أن وضع المكتري عن الكري عشرة دنانير فلا بأس بهذا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وهذا الذي ذكرت من أمر الكري والمتكاري كله قول مالك إلا تفسير إذا زاد المكتري الكري عشرة دنانير من غير الذهب التي يأخذها فإنه رأيي . وقال غيره : لا يزيد الكري المتكاري - إذا غاب على النقد قبل الركوب ولا بعده - القليل منه ولا الكثير ، فإنه لا خير فيه ; لأنه سلف جر منفعة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية