الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في زكاة القراض قال : وقال مالك : لا يخرج العامل زكاة القراض إلا بحضرة رب المال ، وإن كانت الزكاة قد وجبت منذ قبضها العامل فإن ربح فيها العامل وحال الحول عنده ، فإنه لا يخرج شيئا من زكاة رأس المال ، ولا من ربحه ، حتى يحضر رأس المال ويحضر رب المال ; لأنه عند مالك ، لا ربح له حتى يستوفي رب المال رأس ماله . وقال : إنما يخرج الزكاة عند المقاسمة قال : فقلت لمالك : أفيزكيه مرة واحدة لما مضى من السنين ، أو لكل سنة مضت زكاة ؟ قال : بل لكل ما مضى من السنين ، لكل سنة زكاة ، وإنما ذلك عندي في المال الذي يدار ، إذا كان العامل يديره . وإنما يزكي لكل سنة قيمة ما كان في يده من المتاع لكل سنة إن كان - أول السنة - قيمة المتاع مائة ، والسنة الثانية مائتين ، والسنة الثالثة ثلاثمائة ، فإنما يزكي كل سنة قيمة ما كان يسوي المتاع .

                                                                                                                                                                                      فإنما يزكي أول السنة مائة ، والسنة الثانية مائتين ، والسنة الثالثة ثلاثمائة ، إلا ما ينقصه الزكاة كل سنة قلت : فلو ربح العامل دينارا واحدا في المال ، والمال تسعة عشر دينارا وإنما عمل في المال يوما واحدا فربح هذا الدينار ، فبدا له أن يرد القراض ، وقد كانت إقامة التسعة [ ص: 639 ] عشر دينارا عند ربها سنة ، أيكون على المقارض في نصف ديناره هذه الذي ربحه في عمل يومه ذلك ، فصار له في حصته زكاة ؟ قال : لا ; لأن رب المال ليس في رأس ماله وربحه زكاة ، وربح العامل ليس هو لرب المال ، فليس على واحد منهما زكاة قال : وقال مالك ، في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا ، وقد زكى ماله ذلك ، ومضى لماله ذلك بعد ما زكاه ستة أشهر ، فعمل العامل به أربعة أشهر ، ثم اقتسما ، فأخذ رب المال رأس ماله وحصته من الربح ، وأخذ العامل حصته من الربح ، ثم مضت السنة من يوم زكى رب المال ماله . قال : رب المال : يزكي ما بقي في يديه من رأس ماله وربحه الذي صار له في حصته ، وليس على العامل أن يزكي ما صار له في ربحه ، إلا أن يحول الحول على ما صار له في ربحه ، من يوم اقتسما وأخذ حصته ، وفي يديه عشرون دينارا فصاعدا من ربحه ، أو من مال كان له قبل ربحه إن ضمه إلى ربحه وجبت فيه الزكاة ، فعليه الزكاة إذا حال على المال الحول ، وربحه من يوم أفاده ; لأنه إنما يضم الفائدة التي كانت في يده قبل ربحه إلى الربح ، فيستقبل به حولا ، وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية