الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى وأنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعود بضحية أخرى

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1045 1030 - ( مالك عن يحيى بن سعيد ) الأنصاري ( عن عباد ) بفتح العين المهملة والموحدة الثقيلة ( بن تميم ) ابن غزية الأنصاري المازني المدني التابعي وقد قيل : له رؤية ( أن عويمر ) بضم العين مصغر ( بن أشقر ) بفتح الهمزة وإسكان المعجمة وفتح القاف آخره راء بلا نقط ابن عدي الأنصاري المازني كذا نسبه ابن البرقي ، ونسبه أبو أحمد العسكري تبعا لابن أبي خيثمة أوسيا ، وذكره خليفة فيمن لم يتحقق نسبه من الأنصار ، وفي بعض طرق حديثه أنه بدري ( ذبح أضحيته قبل أن يغدو ) وفي رواية أنه ذبح قبل الصلاة ( يوم الأضحى وأنه ذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) بعدما صلى ( فأمره أن يعود بضحية أخرى ) قال ابن عبد البر : لم يختلف عن مالك في هذا الحديث وظاهر اللفظ الانقطاع لأن عبادا لم يدرك ذلك الوقت ولذا زعم ابن معين أنه مرسل ، لكن سماع عباد من عويمر ممكن ، وقد صرح به في رواية عبد العزيز الدراوردي عن يحيى بن سعيد عن عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر أخبره أنه ذبح قبل الصلاة وذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما صلى فأمره أن يعيد ضحيته .

                                                                                                          وفي رواية عن حماد بن سلمة عن يحيى عن عباد عن عويمر : أنه ذبح قبل أن يصلي فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد ، فهاتان الروايتان تدلان على غلط يحيى بن معين ، وأن قوله ذلك ظن لم يصب فيه انتهى ملخصا .

                                                                                                          وكذا رواه الترمذي في العلل ، حدثنا يحيى بن موسى ، حدثنا أبو ضمرة عن يحيى بن سعيد قال : أخبرني عباد بن تميم عن عويمر بن أشقر فذكره مثل حديث حماد بن سلمة ، وبتصريحه بأنه أخبره علم أن قول البخاري فيما نقله الترمذي عنه في العلل لا أعرف أن عويمرا عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نفى عرفانه هذا ، وقد وقع في رواية ابن ماجه وابن حبان أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن عويمرا أن يضحي بجذع من المعز .

                                                                                                          وروى أبو يعلى والحاكم عن أبي هريرة : " أن رجلا قال : يا رسول الله هذا جذع من الضأن مهزولة وهذا جذع من [ ص: 113 ] المعز سمين وهو خيرهما أفأضحي به ؟ قال : ضح به فإن لله الخير " وسنده ضعيف .

                                                                                                          وأخرج أبو داود وصححه ابن حبان عن زيد بن خالد الجهني : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه عنقودا جذعا فقال : ضح به " .

                                                                                                          وفي الأوسط للطبراني عن ابن عباس والحاكم عن عائشة بسند ضعيف : " أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى سعد بن أبي وقاص جذعا من المعز فأمره أن يضحي به " ولكن لم يقل لواحد من هؤلاء لا يجزي عن أحد بعدك فوقعت المشاركة لهم مع أبي بردة وعقبة في مطلق الإجزاء لا في خصوص منع الغير ، فلا منافاة بين ذلك كله وبين حديثي أبي بردة وعقبة لاحتمال أن يكون ذلك في ابتداء الأمر مجربا ، ثم تقرر الشرع بأن الجذع من المعز لا يجزئ واختص أبو بردة وعقبة بالرخصة في ذلك ، لكن يبقى التعارض بين حديثيهما ، فإن ساغ أحد الجمعين المتقدمين فلا تعارض ، وإن تعذر الجمع الأول بأن في كل منهما صيغة عموم والثاني وهو احتمال نسخ خصوصية الأول بالثاني بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال رجعنا إلى الترجيح ، فحديث أبي بردة أصح كما مر .




                                                                                                          الخدمات العلمية