الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فلا يصح ) السلم ( فيما لا ينضبط مقصوده كالمختلط المقصود الأركان ) التي لا تنضبط ( كهريسة ) وكشك ومخيض فيه ماء على ما مثل به بعض الشراح ، وهو سبق قلم إذ الماء غير مقصود فيه ، وإنما سبب عدم الصحة فيه ما ذكروه من عدم انضباط حموضته فإنه عيب فيه ، وفرقوا بينه وبين خل نحو التمر بأن ذاك لا غنى له عنه فإن قوامه به ، بخلاف هذا إذ لا مصلحة له فيه ومثله المصل ، ولا يرد على المصنف اللبن المشوب بالماء حيث لا يصح فيه السلم مع قصد أركانه

                                                                                                                            لأنا نمنع قصد الماء مع اللبن المبذول في مقابلة المال كما يصرح به قولهم لا يصح بيعه للجهل بالمقصود منه وهو اللبن ( ومعجون ) ركب من جزأين أو أكثر ( وغالية ) وهي ما ركب من عنبر ومسك ومعهما دهن أو عود وكافور ومثلها الند بفتح النون مسك وعنبر وعود خلط من غير دهن ( وخف ) ونعل ركبا من ظهارة وبطانة وحشو لأن العبارة غير وافية بذكر انعطافاتها وأقدارها ، ومن ثم صح كما أفاده السبكي ومن تبعه في خف أو نعل مفرد إن كان جديدا [ ص: 201 ] من غير جلد كثوب محيط جديد لا ملبوس ( وترياق مخلوط ) وهو بفوقية أو دال أو طاء مهملة ويجوز كسر أوله وضمه ، واحترز بالمخلوط عما هو ببان واحد أو حجر فيجوز السلم فيه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لا يصح بيعه ) أي ولو بالدراهم ( قوله : ومعهما دهن ) أي دهن بان [ ص: 201 ] قوله : من غير جلد ) أي أما منه فلا يصح لاختلاف أجزائه رقة وضدها ( قوله : واحترز ) أي في اللغات الثلاث ويقال فيه طراق ودراق بكسر أوله والتشديد ، كذا نقل عن شيخ الإسلام بهامش الروض ( قوله : ببان واحد إلخ ) ضبطه بعضهم بباءين موحدتين مفتوحتين وتشديد الثانية وبنون في آخره : أي شيء واحد لقول عمر رضي الله عنه : لولا أن أترك الناس ببانا واحدا ما فتحت على قرية : وبعضهم بنون وباء مفتوحة بعدها ألف وتاء مثناة في آخره وهو المناسب لقوله أو حجر .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فلا يصح فيما لا ينضبط إلخ ) تفريع على اشتراط معرفة الأوصاف إذ ما لا ينضبط مقصوده لا تعرف أوصافه . ( قوله : إذ الماء غير مقصود فيه ) أي : مع عدم منعه لمعرفة المقصود ، كذا قاله العلامة حج ، وقضيته أن الخلط بغير المقصود إذا لم يمنع العلم بالمقصود لا يمنع الصحة ، وقضية الفرق الآتي خلافه على أن لك أن تمنع كون الماء لا يمنع العلم بمقصود المخيض ، وعبارة الأذرعي في قوته .

                                                                                                                            فرع : لا يجوز السلم فيما خالطه ما ليس بمقصود من غير حاجة كاللبن المشوب بالماء مخيضا كان أو غيره ا هـ .

                                                                                                                            وما ذكره هو قضية الفرق الآتي إذ الضمير في كلامه يرجع إلى اللبن كما هو صريح عبارة شرح الروض فتأمل . ( قوله : فإنه عيب ) عبارة التحفة وأنه عيب فيه ، فكونها عيبا فيه علة ثانية كما صرح به في شرح الروض ، وانظر هذا مع ما سيأتي في الشرح عقب قول المصنف وخل تمر أو زبيب . ( قوله : ولا يرد على المصنف اللبن المشوب بالماء إلخ ) عبارة التحفة قيل يرد على المتن اللبن المشوب بالماء فإنه لا يصح السلم فيه مع قصد بعض أركانه فقط ويرد بأن الماء وإن لم يقصد لكنه يمنع العلم بالمقصود كما يصرح به قولهم إلخ ، فالإيراد حينئذ على مفهوم المتن ، ثم إن قضية صنيع الشارح أن قصد الأركان في المخلوط مقتض للصحة وإن لم ينضبط وهو خلاف ما في المتن ، وأن عدم قصد بعض الأركان مقتض للفساد مطلقا وهو خلاف ما يأتي ، فالصواب ما في التحفة ، على أن في عبارة الشارح شبه تناقض حيث أثبت في السؤال أن الماء مقصود ولم يورده على لسان قائل ثم نفى ذلك في الجواب ، وفي بعض نسخ الشارح زيادة لفظ بعض قبل لفظ أركانه وهي لا تلائم الجواب . ( قوله : أو عود وكافور ) أي ومعهما دهن وحذف من الثاني لدلالة الأول عليه حتى يوافق عبارة التحفة ، والذي في كلام الرافعي وغيره أنها مركبة من مسك وعود وعنبر وكافور . ( قوله : لأن العبارة غير وافية إلخ ) عبارة الرافعي لاشتمالها على الظهارة والبطانة والحشو ، والعبارة تضيق عن الوفاء بذكر أطرافها وانعطافاتها [ ص: 201 ] قوله : وترياق ) قال القاضي أبو الطيب وغيره : الترياق نجس فإنه يطرح فيه لحوم الحيات أو لبن الأتان ، ونص عليه في الأم .

                                                                                                                            قال الأذرعي : فيحمل كلام المصنف وغيره على ترياق طاهر




                                                                                                                            الخدمات العلمية