الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو كان لأحدهما عليه جذوع لم يزجج ) ; لأن وضعها قد يكون بإعارة أو إجارة أو بيع أو قضاء قاض يرى الإجبار على الوضع فلا يترك المحقق بالمحتمل ، ولأن الجذوع كالأمتعة فيما لو تنازعا اثنان دارا بيدهما ولأحدهما أمتعة ، وعبر بالجذوع دون الجذع تبعا للمحرر لينص على خلاف أبي حنيفة فإن عنده الترجيح بالجمع دون الواحد ، وفي [ ص: 418 ] الجذعين اختلاف رواية عنه .

                                                                                                                            قال الماوردي : وإذا تحالفا أقرت الجذوع بحالها لجواز وضعها بحق ، وإن لم يملك الحائط فلمالك الجدار قلع الجذوع بالأرش والإبقاء بالأجرة ، وهذا مفروض في الجدار المشترك حملا لذلك على أضعف السببين وهو العارية ، بخلاف ما إذا كان لأجنبي فإنه يحتمل أنه كذلك .

                                                                                                                            نعم قياس ما تقرر أنا إذا حكمنا بأن ذلك لهما تعين إبقاؤها بالأجرة ، قاله الفوراني ، والأوجه أنه لا قلع ولا أجرة أخذا بإطلاقهم إبقاءها بحالها في تلك ، وفي كلام ابن الرفعة في العارية عن جمع متقدمين فيما لو جهل أو وضعت بحق لازم ما يدل له وأجراه في الأجنحة المطلقة في ملك الغير في القنوات المدفونة تحت الأملاك .

                                                                                                                            قال : وبه صرح العز بن عبد السلام في قواعده والجلال البلقيني .

                                                                                                                            قال : ولا رجوع له بأجرة في المستقبل ، ولم يذكروه لجواز أن يكون الواضع استحق ذلك مؤبدا بطريق البيع ، وألحق بذلك ما لو رأينا ساقية على فوهة بئر مشتركة بين أقوام ، وعليها بستانان وممر ماء الثاني في أرض الأول فليس لمشتريه منع الإجراء فيه ; لأن الأصل أنه بحق فلا يزال بغير حق ولا أجرة له وفي إحياء [ ص: 419 ] الموات ما يشهد لذلك ا هـ ملخصا .

                                                                                                                            وفي القمولي : لو ملكا دارين وخشب إحداهما بجدار الأخرى ، ولا يعرف كيف وضع فسقط الحائط لم يكن لصاحبه المنع من إعادتها فوقه ، وإن أعاده بآلته كما قاله الروياني ، وكذلك ليس له نقضه وغرم أرش نقصها ولا أن يطالب بأجرة ا هـ .

                                                                                                                            وفي الروضة في هذه الصورة أنه إذا انهدم الجدار فادعاه لم يكن له المنع من إعادتها فوقه بلا خلاف ; لأنا حكمنا بوضعها بحق وشككنا في المجوز للرجوع ا هـ .

                                                                                                                            وهذان صريحان فيما قدمناه ، وما أفتى به البارزي وجمع من أئمة عصره من أنه ليس لذي جدار به كوة ينزل منها ضوء لدار جاره هدمه ولا سدها ، ونقله عن فروق الجويني .

                                                                                                                            وأجاب التاج الفزاري عما يقال : الهواء لا يقابل بعوض فكيف يكون فتح هذه بحق بأنه قد يكون اشترى منه بعض الحائط ، وفتحه طاقة غير ظاهر ; لأن احتمال ذلك بعيد فليس نظير ما قدمناه في الجذوع ، على أنه يحتمل أن يكون نزول الضوء من هذه الطاقة اتفاقا لا عن قصد ، بخلاف وضع الجذوع فإن ذلك لا يتصور فيها ( والسقف بين علوه ) أي الشخص ( وسفل غيره كجدار بين ملكين فينظر أيمكن إحداثه بعد العلو ) بأن يكون السقف عاليا فينقب وسط الحائط وتوضع رأس الجذوع في النقب ويوضع عليها ألواح أو غيرها فيصير البيت الواحد بيتين ( فيكون ) السقف ( في يدهما ) لاشتراكهما في الانتفاع به فإنه أرض لصاحب العلو وساتر لصاحب السفل ( أو لا ) أي وإن لم يمكن إحداثه كالأزج الذي لا يمكن عقده على وسط الجدار بعد امتداده في العلو ( فلصاحب السفل ) لاتصاله ببنائه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لم يزجج ) أي لم يزجج صاحب الجذوع بمجرد وضع الجذوع ، أما لو انهدم الجدار وأعاده أحدهما مرة بعد أخرى مثلا أو كان يتصرف تصرف الملاك ثم نازعه الآخر فقال : هو شركة بيننا أو هو لي خاصة صدق المتصرف تصرف الملاك حيث لا بينة لواحد منهما أو لكل منهما بينة عملا بيده ، ومع تصديقه لا ترفع جذوع مدعي الشركة أو الاختصاص لاحتمال أنها وضعت بحق

                                                                                                                            ( قوله : بالجمع ) وهو ثلاثة فما فوق أخذا [ ص: 418 ] من قوله وفي الجذعين إلخ

                                                                                                                            ( قوله : وإن لم يملك الحائط ) أي بأن لم يحكم به لأحدهما بسبب التنازع ، ولكنه له به بمقتضى اليد ليتأتى قوله فلمالك الجدار إلخ ، وفي سم على منهج : وقوله أي شرح الروض : فلمالك الجدار ، انظر هذا مع أنه حكم بأنه بينهما والشريك لا يقطع حقه بالأرش ، ولعل مراده بمالك الجدار من يثبت له الجدار بعد ذلك بطريقه فليحرر ، وأطال في استشكال ذلك في حواشي حج فليراجع

                                                                                                                            ( قوله : أنه كذلك ) أي مدة تخيير مالك الجدار بين قلع الجذوع بالأرش والإبقاء بالأجرة ( قوله : ولا أجرة ) أي وله إعادتها إذا سقطت أو انهدم الجدار ثم أعيد ( قوله : في تلك ) هي قوله : ولو كان لأحدهما عليه جذوع

                                                                                                                            ( قوله : في ملك الغير ) قال حج : محله حيث لم يعلم ابتداء حدوثها ، وإلا فيصدق الخصم في أنه عارية ، وأن الإذن وقع منه بلا عوض فيخير بين التبقية بأجرة وقلعه وغرم أرش نقصه ، وتقدم أن إطلاق الشارح يخالفه . [ ص: 419 ] فرع ] موقوفات على جهات مختلفة ، هل يجوز أن يعمر من ريع بعضها البعض الآخر ؟ ينبغي أن يجوز حيث كان الوقف وفقا واحدا وإن اختلفت جهاته ومصارفه ، ثم رأيت م ر جزم بذلك وقرره فليراجع ، وانظر ما المراد بكونه واحدا هل باتحاد الواقف فقط أو مع اتحاد عقد الوقف ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            أقول : الذي يظهر الثاني

                                                                                                                            ( قوله : فيما قدمناه ) أي قوله والأوجه أنه لا قلع ولا أجرة

                                                                                                                            ( قوله : وأجاب ) اعتراضا على البارزي

                                                                                                                            ( قوله : غير ظاهر ) أي فله سد الكوة وإن منع الضوء عن جاره

                                                                                                                            ( قوله : فإن ذلك ) أي كونه اتفاقا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            . ( قوله : وإن لم يملك الحائط ) هو آخر كلام الماوردي جعله غاية في جواز وضع الجذوع بحق كما يعلم بمراجعة القوت ، وقوله : فلمالك الجدار قلع الجذوع إلخ تفريعه على كلام الماوردي لا يتمشى على الراجح الآتي ، وقوله : وهذا مفروض : يعني كلام الماوردي ، وهو معلوم لا حاجة للتنبيه عليه إذ وضع كلامه فيما إذا تحالفا ، وقوله : حملا لذلك على أضعف السببين تعليل لقوله فلمالك الجدار قلع الجذوع إلخ على ما فيه ، وقوله : بخلاف ما إذا كان لأجنبي محترز قوله وهذا مفروض إلخ ، وأما قوله : نعم قياس ما تقرر إلخ فلم أفهم موقعه ولا ما أراد به ، والذي في القوت عن الفوراني هو قوله : فإن ثبت لأحدهما نزل على الإعارة ; لأنه أضعف الأسباب فيجوز القلع مع الأرش ا هـ .

                                                                                                                            وقوله : والأوجه أنه لا قلع : أي فيما إذا كان الجدار لأجنبي إذ هو مقابل قوله فيه فإنه يحتمل أنه كذلك ، ويدل عليه بقية كلامه ، فقوله : بعد في تلك : أي فيما إذا كان الجدار لأجنبي ، ومعلوم أن المشترك مثله في ذلك بالأولى ، وقد نبه عليه هنا الشهاب سم وعبارته به كلام طويل ساقه اعتراضا على شرح الروض نصها : وحينئذ فالحاصل أنه إن جهل حال الجذوع قضي باستحقاق وضعها أبدا وامتناع القلع بالأرش سواء أكانت لأجنبي أم شريك وإن علم كيفية وضعها عمل بمقتضاها إلى آخر ما ذكره ، وبالجملة فكلام الشارح هنا في هذا المقام لا يكاد ينتظم وقد علمت ما فيه . ( قوله : والجلال البلقيني ) هذا لا يصح أن يكون من كلام ابن الرفعة ; لأن الجلال البلقيني بعده بكثير ; لأن والده السراج البلقيني تلميذ التقي السبكي الذي هو تلميذ ابن الرفعة ، فلعل قول [ ص: 419 ] الشارح والجلال البلقيني مبتدأ خبره جملة قال إلخ فليراجع . ( قوله : وإن لم يمكن إحداثه ) كان المناسب أن يقول أولا يمكن ذلك كما في التحفة




                                                                                                                            الخدمات العلمية