الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولو تعذر من يشتري مال المفلس بثمن مثله من نقد البلد وجب الصبر بلا خلاف ، قاله المصنف في فتاويه .

                                                                                                                            وقال ابن أبي الدم : يباع المرهون بما دفع فيه بعد النداء والإشهار وإن شهد عدلان [ ص: 324 ] أنه دون ثمن مثله بلا خلاف بناء على أن القيمة وصف قائم بالذات ، فإن قلنا ما تنتهي إليه الرغبات فواضح لأن ما دفع فيه هو ثمن مثله ، وعليه ففارق الرهن مال المفلس بأن الراهن التزم ذلك حيث عرض ملكه برهنه للبيع ، ألا ترى أن المسلم إليه لما التزم تحصيل المسلم فيه لزمه ولو بثمن غال : أي لا بأكثر من ثمن مثله كما مر في بابه ; لأنه التزمه ( ثم ) ( إن كان الدين من غير جنس النقد ) الذي بيع به أو من غير نوعه ( ولم يرض الغريم إلا بجنس حقه ) أو نوعه ( اشترى ) له لأنه واجبه ( وإن رضي ) بغير جنس حقه وهو مستقل أو ولي والمصلحة للمولى في التعويض كما هو ظاهر ( جاز صرف النقد إليه إلا في السلم ) ونحوه من كل ما يمنع الاعتياض عنه كمبيع في الذمة وكمنفعة في إجارة الذمة فلا يجوز صرفه إليه ، وإن رضي لامتناع الاعتياض ، ولا يرد على المصنف نجوم الكتابة مع عدم صحة الاعتياض عنها على الأصح ; لأن النجوم لا يحجر لأجلها فليست مرادة هنا .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وجب الصبر ) أي إلى أن يوجد من يأخذه بذلك .

                                                                                                                            لا يقال : التأخير إلى ذلك قد يؤدي إلى ضرر بالمالك لطول مدة الانتظار لمن يرغب فيه ; لأنا نقول : الغالب عدم الطول ; لأن الغالب وجود من يأخذ بثمن المثل ، وفقده نادر فلا نظر إليه ( قوله : والإشهار ) يقتضي أن فعله أشهر ، وفي القاموس شهر سيفه كمنع ، وشهره رفعه على الناس ا هـ .

                                                                                                                            لكن يوافق ما عبر به الشارح قول الكمال بن أبي شريف على النخبة [ ص: 324 ] فعكف الناس على الأخذ عنه كما صرح هو بذلك ، وأشهره ( قوله : أنه دون ثمن مثله بلا خلاف ) معتمد ( قوله : وعليه ) أي على ما تقدم من وجوب الصبر في مال المفلس

                                                                                                                            ( قوله : ففارق الرهن ) فرقه بينهما يقتضي اعتماد ما نقله عن ابن أبي الدم فليراجع ، واعتمد حج التسوية بينهما في وجوب الصبر إلى وجود راغب بثمن المثل وهو الأقرب

                                                                                                                            ( قوله : ولو بأكثر من ثمنه ) حيث صور بما ذكر ما لم يكن مؤيدا للفرق ; لأنه ليس فيه بأكثر من ثمن المثل حتى يكون مؤيدا ( قوله : أو نوعه ) أي أو صفته ا هـ حج

                                                                                                                            ( قوله : من كل ما يمتنع ) عبارة سم على منهج اعتمد مر جواز الاعتياض عن المبيع في الذمة وما في الشرح مقدم على غيره ( قوله : ولا يرد ) أي وبتقدير وروده فهو مندفع بما زاده من قوله ونحوه من كل ما إلخ ، ثم قضية قوله ; لأن النجوم لا يحجر لها إلخ أنه لا يدفع لنجوم الكتابة شيء من ماله الذي بيع ، وقضية حج خلافه فليراجع ، وسيأتي ما يصرح بموافقة حج في قول الشارح ويستثنى من القسمة مكاتب عليه دين معاملة إلخ ، وعليه فإذا كان الثمن من غير جنس نجوم الكتابة أو صفتها اشترى به ما هو من جنس نجوم الكتابة وصفتها ولا يعتاض عنها ، لكنه لا يقاسم الغرماء بل يقدم حق الغرماء ، على النجوم ( قوله : ولا يرد على المصنف ) أي حيث قال إلا في السلم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وقال ابن أبي الدم إلخ ) مقابل لما في فتاوى المصنف [ ص: 324 ] قوله : بناء على أن القيمة وصف قائم بالذات ) إنما بناه على هذا ; لأنه هو الذي يستغرب الحكم عليه ، أما بناؤه على أنها ما تنتهي إليه الرغبات فإنه ظاهر كما أشار إليه بقوله فإن قلنا إلخ . ( قوله : وعليه فيفارق الرهن إلخ ) أي على ما قاله ابن أبي الدم ، وغرضه من ذلك الجمع بين كلام المصنف في فتاويه وبين كلام ابن أبي الدم بفرض صحته لكنه ضعيف كما أشار إليه بتعبيره بعليه ، وقد صرح الشهاب حج بضعفه وبأن مال المفلس والمرهون على حد سواء وأن الحكم ما ذكره المصنف . ( قوله : كمبيع في الذمة ) هذا لا يخالف ما مر له في باب السلم من صحة الاعتياض ; لأن ذلك محمول على الثمن كما تقدم التنبيه عليه .




                                                                                                                            الخدمات العلمية