الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وله ) أي للراهن ( بإذن المرتهن ) وإن رده فيما يظهر كما أن الإباحة لا ترتد بالرد وفارق الوكالة بأنها عقد ( ما منعناه ) من الانتفاعات والتصرفات من غير عوض لأن المنع كان لحقه وقد زال بإذنه فيحل الوطء فإن لم تحبل فالرهن بحاله وإن أحبلها وأعتق أو باع أو وهب نفذ وبطل الرهن . قال في الذخائر : فلو أذن له في الوطء فوطئ ثم أراد العود إلى الوطء منع لأن الإذن يتضمن أول مرة إلا أن تحبل من تلك الوطأة فلا منع من الرهن لأن الرهن قد بطل ا هـ ، وظاهر كلامهم أنه له الوطء فيمن لم تحبل ما لم يرجع المرتهن عند وجود قرينة تدل على التكرار وإلا فالمطلق محمول على مرة ( وله ) أي المرتهن ( الرجوع ) عن الإذن ( قبل تصرف الراهن ) لأن حقه [ ص: 269 ] باق كما للمالك أن يرجع قبل تصرف الوكيل ، ويشترط أن يكون مرتهنا لنفسه مع بقاء الأهلية إلى حين التصرف ( فإن تصرف ) بعد رجوعه بغير إعتاق وإيلاد وهو موسر ( جاهلا برجوعه فكتصرف وكيل جهل عزله ) من موكله وسيأتي أن الأصح عدم نفوذه ، فإن كان عالما برجوعه لم ينفذ قطعا ، وأما تصرفه بالإعتاق والإحبال مع يساره فنافذ كما مر ، وللمرتهن الرجوع فيما وهبه الراهن بإذنه في الهبة ولو مع القبض قبل قبض الموهوب إذ لا تتم إلا بقبضها ومثلها الرهن ، ولا رجوع له فيما أذن له في بيعه في زمن الخيار لأن البيع مبناه على اللزوم والخيار دخيل فيه ، وإنما يظهر أثره في حق من له الخيار

                                                                                                                            وأفهم ذلك أن محل ما ذكر إذا شرط الراهن الخيار لنفسه أو لا لأجنبي ، فإن شرطه للمرتهن كانت سلطنة الرجوع له بلا خلاف ، ومتى تصرف بإعتاق أو نحوه وادعى الإذن وأنكره المرتهن صدق بيمينه لأن الأصل عدم الإذن وبقاء الرهن ، فإن نكل حلف الراهن وكان كما لو تصرف بإذنه ، فإن لم يحلف الراهن وكان التصرف بالعتق أو الإيلاد حلف العتيق والمستولدة لأنهما يثبتان الحق لأنفسهما ، بخلافه في نكول المفلس أو وارثه حيث لا يحلف الغرماء لأنهم يثبتون الحق للمفلس أولا ( ولو ) ( أذن ) له ( في بيعه ) أي المرهون فباعه والدين مؤجل فلا شيء له على الراهن ليكون رهنا مكانه لبطلان الرهن ، أو حال قضى حقه من ثمنه وحمل إذنه المطلق على البيع في غرضه لمجيء وقته ، ولا يبطل الرهن فيكون الراهن محجورا عليه في الثمن إلى وفاء الدين ، فصورته كما صرح به الدارمي وتبعه الزركشي أن يأذن في بيعه ليأخذ حقه أو يطلق ، فإن قال : بعه ولا آخذ حقي منه بطل الرهن ، فإن أذن له في البيع أو الإعتاق ( ليعجل ) له المرهون به ( المؤجل من ثمنه ) أو من غير الثمن في البيع أو قيمته أو من غيرها في الإعتاق بأن شرط ذلك ( لم يصح البيع ) سواء أكان الدين حالا أم مؤجلا لفساد الإذن بفساد الشرط ، وعلم أن كلام المصنف مفروض فيما لو شرط ما مر في حال الإذن ، ولا مرية في أنه لو قال : أذنت لك في بيعه لتعجل ونوى الاشتراط كان كالتصريح به ، وإنما النظر في حالة الإطلاق هل نقول ظاهره [ ص: 270 ] لشرط أو لا ؟ والأقرب المنع

                                                                                                                            ( وكذا لو ) ( شرط ) في الإذن في بيعه أو إعتاقه ( رهن الثمن ) أو القيمة مكانه لم يصح ذلك ( في الأظهر ) لفساده بجهالة الثمن أو القيمة عند الإذن ، وليس الانتقال شرطا كالانتقال شرعا ، ومقتضى هذه العلة الصحة عند تعين الثمن ، والظاهر عدم الفرق ولهذا علله في الإبانة بأنه كما لو شرط أن يرهن عنده عينا أخرى وهي علة صحيحة وبما تقرر علم جواب الإسنوي عن قوله لا وجه للبطلان في الحال فيما إذا شرط كون الثمن رهنا لأنه تصريح بمقتضى الإذن ، بخلافه فيما إذا شرط رهنه أو جعله رهنا لأن رهن المرهون محال ، وأنه لا فرق بين شرط جعل الثمن رهنا وبين شرط كونه رهنا ، والثاني يصح البيع ويلزم الراهن بالوفاء بالشرط ولا تضر الجهالة في البدل ، ولو أذن المرتهن للراهن في ضرب المرهون فضربه فمات لم يضمن لتولده من مأذون فيه ، بخلاف ما لو أذن له في تأديبه فضربه فمات فإنه يضمن لأن المأذون فيه هنا ليس مطلق الضرب بل ضرب تأديب وهو مشروط بسلامة العاقبة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإن رده ) أي رد الراهن إذن المرتهن ( قوله : كان لحقه ) أي المرتهن ( قوله : منع ) منه هذا محمول على ما إذا لم تدل قرينة على .

                                                                                                                            [ ص: 269 ] التكرار كما يأتي في كلامه ( قوله لنفسه ) أي فلو كان متصرفا عن غيره لم يجز الإذن أو عن نفسه وزالت الأهلية بطل الإذن بزوالها ( قوله : ولو مع القبض ) أي مع الإذن في القبض ( قوله : قبل قبض الموهوب ) متعلق بقوله وللمرتهن الرجوع ( قوله : ولا رجوع له ) أي المرتهن ( قوله : في زمن الخيار ) أي خيار البائع ( قوله : ومتى تصرف ) أي الراهن ( قوله صدق ) أي المرتهن ( قوله : حلف العتيق إلخ ) أي على الميت ( قوله : أو يطلق ) أي والدين حال كما هو الفرض ، فإذا كان مؤجلا فسيأتي في قوله وإنما النظر في حالة الإطلاق إلخ ( قوله : بأن شرط ذلك ) لو اختلفا بعد البيع في الشرط وعدمه فهل يصدق مدعي الصحة أو مدعي الفساد ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول خصوصا وقد تعلق الحق بثالث ( قوله : لم يصح البيع ) في نسخة سواء كان حالا أو مؤجلا لفساد الإذن بفساد الشرط ، وهو مشكل مع قوله قبل ولو أذن في بيعه ليعجل المؤجل ، فإن التخصيص في المؤجل ينافي التعميم فيه وفي الحال ، [ ص: 270 ] إلا أن يقال : التعميم راجع إلى قوله أو من غير الثمن في البيع ( قوله والأقرب المنع ) أي منع كونه كالشرط فيصح ( قوله : وبين شرط كونه ) أي بلا جعل ( قوله : ولو أذن المرتهن ) ومثل ذلك عكسه بالطريق الأولى .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : من غير عوض ) كأن المراد وللراهن فعل ما منعناه منه بإذن المرتهن ، ولا يجب عليه عوض في نظير ذلك للمرتهن ، أو أن قوله من غير عوض متعلق بقول المصنف بإذن المرتهن على حذف مضاف : أي له بإذن المرتهن الواقع من غير شرط عوض ما منعناه إلخ : أي فإن شرط عليه في إذنه عوضا في نظير التصرف امتنع على الراهن التصرف ; لفساد الإذن لاقترانه [ ص: 269 ] بالشرط المفسد فليراجع المراد . ( قوله : ويشترط أن يكون مرتهنا لنفسه ) هلا قدمه على قول المصنف وله الرجوع إلخ . ( قوله : ولو مع القبض ) غاية في الإذن . ( قوله : بخلافه في نكول المفلس ) أي فيما إذا ادعى شيئا على آخر ونكل المدعى عليه ثم نكل المفلس عن اليمين المردودة ( قوله : سواء أكان الدين حالا أم مؤجلا لفساد الإذن إلى قوله ولا مرية إلخ ) إيراد جميع هذه السوادة التي أشرنا إليها هنا في غير محله والصواب إيرادها بعد قول المصنف الآتي وكذا [ ص: 270 ] لو شرط رهن الثمن في الأظهر ( قوله : لا وجه للبطلان في الحال ) أي : في الدين الحال . ( قوله : بخلافه فيما إذا شرط رهنه أو جعله رهنا ) أي : بأن شرط إنشاء رهنه فقوله : قبل فيما إذا شرط كون الثمن رهنا أي : من غير إنشاء رهن . ( قوله : وأنه لا فرق بين شرط جعل الثمن إلخ ) أي لا كما ادعاه الإسنوي .




                                                                                                                            الخدمات العلمية