الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولا يجوز إقراض ماء القناة للجهل به ( إلا الجارية التي تحل للمقترض في الأظهر ) فلا يجوز إقراضها وإن لم تكن مشتهاة مع أنه لو جعل رأس المال جارية يحل للمسلم إليه وطؤها وكان المسلم فيه جارية أيضا جاز له أن يردها عن المسلم فيه لأن العقد لازم من الجانبين ، والثاني يجوز ذلك ، ورد بما سيأتي وامتناع قرضها لأنه قد يطؤها ثم يردها فتصير في معنى إعارة الجواري للوطء وهو ممتنع كما نقله مالك عن إجماع أهل المدينة ، وما نقل عن عطاء من جوازه رد بأنه مكذوب عليه ، ولا ينافيه جواز هبتها لفرعه مع جواز رجوعه فيها لجواز القرض من الجهتين ، ولأن موضوعه الرجوع ولو في البدل فأشبه الإعارة بخلاف الهبة فيهما ، وخرج بتحل للمقترض من تحرم عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة وكذا ملاعنة ، ونحو مجوسية ووثنية خلافا للأذرعي لا نحو أخت زوجته [ ص: 227 ] لتعلق زوال مانعها باختياره كما بحثه الإسنوي وأشعر به كلام غيره .

                                                                                                                            وقضية التعليل الفارق بين المجوسية ونحو أخت الزوجة أن المطلقة ثلاثا يحل قرضها لمطلقها .

                                                                                                                            وبحث بعضهم عدم حلها لقرب زوال مانعها بالتحليل ويحرم قرض رتقاء وقرناء ولو لنحو ممسوح لأن المحذور خوف التمتع وهو موجود ، وتعبير بعضهم بخوف الوطء جرى على الغالب ، وما بحثه الأذرعي من حل إقراضها لبعضه لأنه إن وطئها حرمت على المقرض وإلا فلا محذور بعيد ، إذ المحذور وهو وطؤها ثم ردها موجود ، وتحريمها على المقرض أمر آخر لا يفيد نفيا ولا إثباتا ، وقرضها لخنثى جائز لبعد اتضاحه ، فلو اتضحت ذكورته بان بطلان القرض إذ العبرة في العقود بما في نفس الأمر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : التي تحل للمقترض ) أي ولو كان صغيرا جدا لأنه ربما تبقى عنده إلى بلوغه حدا يمكنه التمتع بها فيه ( قوله : أن يردها عن المسلم فيه ) ويؤخذ الفرق بينهما مما يأتي في الهبة لفرعه من جواز القرض من الجهتين ( قوله : لأنه قد يطؤها ) أي أو يتمتع بها فيدخل المسموح لإمكان تمتعه بها ( قوله : رد بأنه مكذوب عليه ) قال حج : وليس في محله فقد نقله عنه أئمة أجلاء . فالوجه الجواب بأنه شاذ بل كاد أن يخرق به الإجماع ( قوله : جواز هبتها ) أي الجارية ( قوله : ونحو مجوسية ) لو أسلمت نحو المجوسية بعد اقتراضها فهل يجوز وطؤها أو يمتنع لوجود المحذور وهو احتمال ردها بعد الوطء فيشبه إعارتها للوطء ؟ فيه نظر ، وقوله لا نحو أخت إلخ قد يدخل فيه ما لو تزوج امرأة ولم يدخل بها فلا يجوز له أن يقترض ابنتها وهو المتجه في فتاوى السيوطي ، وقوله وقرض الخنثى حاصل المعتمد أنه يجوز كون الخنثى مقرضا بكسر الراء ومقترضا لعدم تحقق المانع ، ولا يجوز كونه مقرضا بفتح الراء لأنه يعز وجوده مر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقوله وهو المتجه يوجه باحتمال أن يفارق أمها قبل الدخول ثم يطأ البنت ويردها وقوله فيه نظر . أقول : الأقرب الأول لحكمنا بصحة العقد وقت القرض وإسلامها لا يمنع من حصول الملك ابتداء واحتمال أن يردها لا نظر فيه مع ثبوت الملك ، ولكن نقل بالدرس عن حواشي شرح الروض لوالد الشارح خلافه [ ص: 227 ] قوله : وقضية التعليل إلخ ) ولعل وجهه أنه لا يستقل بردها إذ لا بد من تزوجها بغيره وطلاقه لها أو موته وتزويج وليها بإذنها من الأول وذلك كله ليس في وسعه ، وغاية ما يمكنه قبول نكاحها من وليها إذا أوجب ( قوله : وبحث بعضهم ) معتمد الزيادي وبه صرح حج في التحفة وكتب عليه سم مر ا هـ ( قوله : عدم حلها ) أي عدم حل قرضها ( قوله : من حل إقراضها ) أي الأمة ( قوله : إذ العبرة في العقود إلخ ) ولا يشكل هذا على ما قدمنا من أن المجوسية إذا أسلمت في يد المقترض لا يتبين فساد القرض بل يحتمل جواز وطئها ، وعدم جوازه على ما مر لأن المانع تبين وجوده هنا حال القرض ، بخلاف اقتراض المجوسية فإن إسلامها عارض بعد القرض ويغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : مع أنه لو جعل رأس المال جارية إلخ ) كان الأوفق بالسياق أن يقول مع أنه يصح السلم فيها وإن ترتب عليها المحظور الآتي بأن يجعل رأس المال جارية تحل للمسلم إليه وكان المسلم فيه جارية أيضا إلخ . ( قوله : وامتناع قرضها ; لأنه قد يطؤها ثم يردها إلخ ) سيأتي أنه جرى على الغالب وأن المحظور خوف التمتع مطلقا . ( قوله : خلافا للأذرعي ) لم يخالف في ذلك كما يعلم بمراجعة كلامه في قوته ، وأفاد الشارح في حواشي شرح الروض أنه لو أسلمت نحو المجوسية لم يبطل العقد أنه يمتنع الوطء




                                                                                                                            الخدمات العلمية