الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3940 ) الفصل الثالث : أن على الغاصب أجر الأرض منذ غصبها إلى وقت تسليمها . وهكذا كل ما له أجر ، فعلى الغاصب أجر مثله ، سواء استوفى المنافع أو تركها حتى ذهبت ; لأنها تلفت في يده العادية ، فكان عليه عوضها ، كالأعيان . وإن غصب أرضا ، فبناها دارا ، فإن كانت آلات بنائها من مال الغاصب ، فعليه أجر الأرض دون بنائها ; لأنه إنما غصب الأرض والبناء له ، فلم يلزمه أجر ماله .

                                                                                                                                            وإن بناها بتراب منها ، وآلات للمغصوب منه ، فعليه أجرها مبنية ; لأن الدار كلها ملك للمغصوب منه ، وإنما للغاصب فيها أثر الفعل ، فلا يكون في مقابلته أجر ; لأنه وقع عدوانا . وإن غصب دارا ، فنقضها ، ولم يبنها ، فعليه أجر دار إلى حين نقضها ، وأجرها مهدومة من حين نقضها إلى حين ردها ; لأن البناء انهدم وتلف ، فلم يجب أجره مع تلفها . وإن نقضها ، ثم بناها بآلة من عنده ، فالحكم فيها كذلك .

                                                                                                                                            وإن بناها بآلتها ، أو آلة من ترابها ، أو ملك المغصوب منه ، فعليه أجرها عرصة ، منذ نقضها إلى أن بناها ، وأجرها دارا فيما قبل ذلك وبعده ; لأن البناء للمالك . وحكمها في نقض بنائها الذي بناه الغاصب ، حكم ما لو غصبها عرصة فبناها . وإن كان الغاصب باعها ، فبناها المشتري ، أو نقضها ثم بناها ، فالحكم لا يختلف ، لكن للمالك مطالبة من شاء منهما ، والرجوع عليه ، فإن رجع على الغاصب ، رجع الغاصب على المشتري بقيمة ما تلف من الأعيان ; لأن المشتري دخل على أنه مضمون عليه بالعوض ، فاستقر ضمانه [ ص: 144 ] عليه .

                                                                                                                                            وإن رجع المالك على المشتري ، رجع المشتري على الغاصب بنقص التالف ، ولم يرجع بقيمة ما تلف . وهل يرجع كل واحد منهما على صاحبه بالأجر ؟ على روايتين . وليس له مطالبة المشتري من الأجر إلا بأجر مدة مقامها في يديه ; لأن يده إنما ثبتت عليها حينئذ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية