الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4073 ) فصل : وإن كان المشتري شريكا ، فللشفيع الآخر أن يأخذ بقدر نصيبه . وبهذا قال أبو حنيفة ، [ ص: 211 ] والشافعي .

                                                                                                                                            وحكي عن الحسن ، والشعبي ، والبتي : لا شفعة للآخر ; لأنها تثبت لدفع ضرر الشريك الداخل ، وهذا شركته متقدمة ، فلا ضرر في شرائه . وحكى ابن الصباغ عن هؤلاء ، أن الشفعة كلها لغير المشتري . ولا شيء للمشتري فيها ; لأنها تستحق عليه ، فلا يستحقها على نفسه .

                                                                                                                                            ولنا ، أنهما تساويا في الشركة ، فتساويا في الشفعة ، كما لو اشترى أجنبي ، بل المشتري أولى ; لأنه قد ملك الشقص المشفوع . وما ذكرناه للقول الأول لا يصح ; لأن الضرر يحصل بشراء هذا السهم المشفوع ، من غير نظر إلى المشتري ، وقد حصل شراؤه .

                                                                                                                                            والثاني لا يصح أيضا ; لأننا لا نقول إنه يأخذ من نفسه بالشفعة ، وإنما يمنع الشريك أن يأخذ قدر حقه بالشفعة ، فيبقى على ملكه ، ثم لا يمنع أن يستحق الإنسان على نفسه ، لأجل تعلق حق الغير به ، ألا ترى أن العبد المرهون إذا جنى على عبد آخر لسيده ، ثبت للسيد على عبده أرش الجناية ; لأجل تعلق حق المرتهن به ، ولو لم يكن رهنا ما تعلق به . إذا ثبت هذا ، فإن للشريك المشتري أخذ قدر نصيبه لا غير أو العفو .

                                                                                                                                            وإن قال له المشتري : قد أسقطت شفعتي ، فخذ الكل ، أو اترك . لم يلزمه ذلك ولم يصح إسقاط المشتري ; لأن ملكه استقر على قدر حقه ، فجرى مجرى الشفيعين إذا أخذا بالشفعة ثم عفا أحدهما عن حقه . وكذلك إذا حضر أحد الشفيعين ، فأخذ جميع الشقص بالشفعة ، ثم حضر الآخر ، فله أخذ النصف من ذلك ، فإن قال الأول : خذ الكل أو دع ، فإني قد أسقطت شفعتي . لم يكن له ذلك .

                                                                                                                                            فإن قيل : هذا تبعيض للصفقة على المشتري . قلنا : هذا التبعيض اقتضاه دخوله في العقد ، فصار كالرضى منه به ، كما قلنا في الشفيع الحاضر إذا أخذ جميع الشقص ، وكما لو اشترى شقصا وسيفا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية