الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : هذا الرجل المبهم ، قال ابن بطال والقاضي ، والقرطبي ، والنووي رحمهم الله [ ص: 26 ] تعالى هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري ، وكان يقال له : الأحمق المطاع .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : قال الخطابي : جمع هذا الحديث علما وأدبا ، وليس قوله صلى الله عليه وسلم لأمته في الأمور التي ينصحهم بها ، ويضيفها إليهم من المكروه غيبة ، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض ، بل الواجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يبين ذلك ، ويفصح به ، ويعرف الناس أمرهم ، فإن ذلك من باب النصيحة ، والشفقة على الأمة ، ولكنه لما جبل عليه من الكرم ، وأعطيه من حسن الخلق ، أظهر له البشاشة ولم يجبهه بالمكروه ليفتدي به أمته في اتقاء شر من هذا سبيله ، وفي مداراته؛ ليسلموا من شره وغائلته .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : قال القرطبي : في هذا الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق ، أو بالفحش ، ونحو ذلك مع جواز مداراته؛ اتقاء شره ، ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى ، ثم قال تبعا للقاضي الحسين : الفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بذل له من دنياه حسن عشرته ، والرفق في مكالمته ، ومع ذلك فلم يمدحه بقول يناقض قوله فيه فعله ، فإن قوله فيه حق ، وفعله معه حسن معاشرته ، فيزول بهذا التقدير الإشكال .

                                                                                                                                                                                                                              وقال القاضي رحمه الله تعالى : لم يكن عيينة -والله أعلم- حينئذ أسلم ، فلم يكن القول فيه غيبة ، أو كان أسلم ولم يكن إسلامه ناصحا ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين ذلك؛ لئلا يغتر به من لم يعرف باطنه ، وقد كانت منه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده أمور تدل على ضعف إيمانه ، فيكون ما وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم من علامات النبوة ، وأما إلانة القول له بعد أن دخل فعلى سبيل التألف له .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : وقد ارتد عيينة في زمن الصديق رضي الله تعالى عنه وحارب ، ثم رجع ، وأسلم ، وحضر بعض الفتوح في عهد عمر رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية