الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع عشر في خفيه ونعليه

                                                                                                                                                                                                                              وفيه نوعان :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في خفيه .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني من طريق يحيى بن الضريس عن عنبسة بن سيد عن الشعبي غير عنبسة بن سعيد بنحو رجاله وبقية رجال ثقات عن دحية رضي الله تعالى عنه قال : أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة صوف وخفين ، فلبسهما حتى تخرقا ، ولم يسأل أذكيان هما أم لا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة ، والحارث بن أبي أسامة ، والدارقطني في الأفراد ، والإمام أحمد وأبو داود والترمذي - وحسنه - وابن سعد وأبو الشيخ عن عبد الله بن بريدة بن الحصيب عن أبيه أن النجاشي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين فلبسهما ، ومسح عليهما .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه قال : أهدى دحية بن خليفة الكلبي لرسول الله صلى الله عليه وسلم خفين فلبسهما حتى تخرقا ، لا يدري النبي صلى الله عليه وسلم أذكيان هما أم لا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند جيد - وصححه - والهيثمي عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخفين يلبسهما ، فلبس إحداهما ثم جاء غراب فاحتمل الأخرى فرمى بها ، فخرجت منها حية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبسن خفيه حتى ينفضهما » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن جرير رضي الله تعالى عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في نعليه .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن عساكر وأبو الحسن بن الضحاك عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كان لنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبالان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن همام قال : نظر هشام بن عروة إلى نعل الصلت بن دينار ولهما قبالان ، قال هشام رحمه الله تعالى : عندنا نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم معقبة ، مخصرة ملسنة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 318 ] وروى أيضا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : كان لنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبالان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني - وحسن الحافظ ابن الحسن بن الهيثمي إسناده - عن علي رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انقطع شسع نعله مشى في نعل واحدة ، والأخرى في يده ، حتى يجد شسعا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر عن القاسم قال : كان عبد الله رضي الله تعالى عنه يقوم إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزع نعليه من رجليه ، ويدخلهما في ذراعيه ، فإذا قام ألبسه إياهما ، فيتمشى بالعصا أمامه ، حتى يدخله الحجرة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسدد عن معتمر عن أبيه قال : حدثني رجل قال : رأيت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم معقبة لها قبالان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحارث بن أبي أسامة عن أبي عمر زياد قال : دخلنا على شيخ يقال له مهاجر ، وعلي نعل له قبالان قال : وكنت قد تركته لشدته فقال : ما هذا ؟ فقلت : أردت تركه لشدته ، قال : لا تتركه ، فإن نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت هكذا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن ابن عون رحمه الله تعالى قال : أتيت حذاء بالمدينة قلت : أحذ نعلي ، فقال : إن شئت حذوتها هكذا ، وإن شئت حذوتها كما رأيت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : وأنى رأيت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : رأيتها في بيت فاطمة ، قال : حسبة ؟ قال : في بيت فاطمة بنت عبد الله بن العباس ، قال : أحذهما كما رأيت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فحذاها لها قبالان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي ، وأبو نعيم عن عمرو بن حريث رضي الله تعالى عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعلين مخصوفتين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن عيسى بن طهمان قال : أخرج إلينا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه نعلين جرداوين لهما قبالان ، قال : هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو سعيد بن الأعرابي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافيا ، ومنتعلا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي رحمه الله تعالى في الشمائل ، وابن ماجه بسند قوي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان لنعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبالان مثنى شراكهما .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن مطرف بن الشخير قال : قال أعرابي لنا : رأيت نعلي نبيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوفة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 319 ] وروى ابن سعد رحمه الله تعالى عن جابر أن محمد بن علي رضي الله تعالى عنهما أخرج نعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأراني معقبة مثل الحضرمية ، لها قبالان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : احتذى رسول الله صلى الله عليه وسلم المخصوف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال ثقات ، والبزار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : لنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبالان ، ولنعل أبي بكر رضي الله تعالى عنه قبالان ، ولنعل عمر رضي الله تعالى عنه قبالان ، وأول من عقد عقدة واحدة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني رحمه الله تعالى عن ضباعة بنت الزبير رضي الله تعالى عنها قالت : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعل ، لها خنصران .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك والبخاري رحمه الله تعالى عليهما عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال السبتية التي ليس لها شعر ، ويتوضأ فيها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري والنسائي والإمام مالك رحمهم الله تعالى عن عبيد بن جريج رحمه الله تعالى أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما : يا أبا عبد الرحمن ، رأيتك تلبس النعال السبتية ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال السبتية التي ليس بها شعر ، ويتوضأ فيها ، وأنا أحب أن ألبسها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي خيثمة عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله تعالى عنه قال : قمت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف شهر فرأيته يصلي ، وعليه نعلان متقابلتان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي رحمه الله تعالى عن عمرو بن أوس رضي الله تعالى عنه قال : كان لنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبالان ، ولنعل أبي بكر رضي الله تعالى عنه قبالان ، ولنعل عمر رضي الله تعالى عنه قبالان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني رحمه الله تعالى عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم نعله بالسبابة من أصبعه اليسرى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن شاذان عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : كان نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بزمامين ، وأول من شسع عثمان رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك رحمه الله تعالى عن عبد الله بن الحارث رضي الله تعالى عنه قال : كانت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها زمامان شراكها مثنى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحارث بن أبي أسامة رحمه الله تعالى عن حميد رحمه الله تعالى عليه قال : [ ص: 320 ] حدثني من سمع الأعرابي يقول : رأيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعلين من بقر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك رحمه الله تعالى عن إسماعيل بن أمية رضي الله تعالى عنه قال : كانت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصرة معقبة ، لها قبالان ، سبتية .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عدي رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كانت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مقابلتين ، وقال مرة أخرى : مقابلين ، قال ابن بكير رحمه الله تعالى : يعني بزمامين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه - برجال الصحيح - عن يزيد بن الشخير رضي الله تعالى عنه عن الأعرابي رضي الله تعالى عنه أن نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مخصوفة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الشيخ رحمه الله تعالى عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعلين مخصوفتين من جلود البقر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن ثابت بن يزيد عن التيمي رضي الله تعالى عنه قال : أخبرني من أبصر نعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لهما قبالان معقبين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد في الزهد وأبو القاسم بن عساكر رحمهم الله تعالى عن زياد بن سعيد رضي الله تعالى عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يطلع من نعله شيء عند قدومه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الشيخ رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس نعليه بدأ باليمين ، وإذا خلع خلع اليسرى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد رحمه الله تعالى قال : أخبرنا عتاب بن زياد عن عبد الله بن المبارك قال : أخبرنا مالك بن أنس رضي الله تعالى عنهم عن النضر رضي الله تعالى عنه قال : انقطع شراك نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوصله بشيء جديد ، فجعل ينظر إليه ، فلما قضى صلاته قال لهم : «انزعوا هذا ، واجعلوا الأول مكانه » ، قيل : كيف يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : «إني كنت أنظر إليه ، وأنا أصلي » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتعل قائما ، وقاعدا .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 321 ] وروى أيضا قال : أخبرنا الفضل بن دكين قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق حدثنا المنهال بن عمرو رحمه الله تعالى قال : كان أنس رضي الله تعالى عنه صاحب نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإداوته .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية