الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قتل البساسيري أنفذ السلطان بعد استقرار الخليفة في داره جيشا عليهم خمارتكين الطغرائي في ألفي فارس نحو الكوفة ، فأضاف إليهم سرايا ابن منيع الخفاجي ، وكان قد قال للسلطان : أرسل معي هذه العدة حتى أمضي إلى الكوفة ، وأمنع البساسيري من الإصعاد إلى الشام . وسار السلطان طغرلبك في أثرهم ، فلم يشعر دبيس بن مزيد والبساسيري إلا والسرية قد وصلت إليهم ثامن ذي الحجة من طريق الكوفة ، بعد أن نهبوها ، وأخذ نور الدولة دبيس رحله جميعه ، وأحدره إلى البطيخة ، وجعل أصحاب نور الدولة دبيس يرحلون بأهليهم فيمنعهم الأتراك ، فتقدم نور الدولة ليرد العرب إلى القتال ، فلم يرجعوا فمضى . [ ص: 161 ] ووقف البساسيري في جماعته ، وحمل عليه الجيش ، فأسر من أصحابه أبو الفتح بن ورام ، وأسر منصور وبدران وحماد ، بنو نور الدولة دبيس ، وضرب فرس البساسيري بنشابة ، وأراد قطع تجفافه لتسهل عليه النجاة فلم ينقطع ، وسقط عن الفرس ، ووقع في وجهه ضربة ودل عليه بعض الجرحى ، فأخذه كمشتكين دواتي عميد الملك الكندري وقتله ، وحمل رأسه إلى السلطان ودخل الجند في الظعن ، فساقوه جميعه وأخذت أموال أهل بغداذ وأموال البساسيري مع نسائه وأولاده . وهلك من الناس الخلق العظيم ، وأمر السلطان بحمل رأس البساسيري إلى دار الخلافة ، فحمل إليها ووصل منتصف ذي الحجة سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ، فنظف وغسل وجعل على قناة وطيف به . وصلب قبالة باب النوبي .

وكان في أسر البساسيري جماعة من النساء المتعلقات بدار الخلافة ، فأخذن ، وأكرمن وحملن إلى بغداذ .

ومضى نور الدولة دبيس إلى البطيحة ومعه زعيم الملك أبو الحسن عبد الرحيم ، وكان من حق هذه الحوادث المتأخرة أن تذكر سنة إحدى وخمسين [ وأربعمائة ] ، وإنما ذكرناها هاهنا لأنها كالحادثة الواحدة يتلو بعضها بعضا .

وكان البساسيري مملوكا تركيا من مماليك بهاء الدولة بن عضد الدولة تقلبت به الأمور حتى بلغ هذا المقام المشهور ، واسمه أرسلان ، وكنيته أبو الحارث ، وهو منسوب إلى بسا مدينة بفارس والعرب تجعل عوض الباء فاء فتقول فسا ، والنسبة إليها فساوي ، ومنها أبو علي الفارسي النحوي ، وكان سيد هذا المملوك أولا من بسا ، فقيل له البساسيري لذلك ، وجعل العرب الباء فاء فقيل فساسيري .

التالي السابق


الخدمات العلمية