الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وقعة المضيع ، وأخذ الموصل من العرب كان إبراهيم بن قريش بن بدران ، أمير بني عقيل ، قد استدعاه السلطان ملكشاه سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة ليحاسبه ، فلما حضر عنده اعتقله ، وأنفذ فخر الدولة بن جهير إلى البلاد ، فملك الموصل وغيرها ، وبقي إبراهيم مع ملكشاه ، وسار معه إلى سمرقند ، وعاد إلى بغداذ ، فلما مات ملكشاه أطلقته تركان خاتون من الاعتقال ، فسار إلى الموصل .

وكان ملكشاه قد أقطع عمته صفية مدينة بلد ، وكانت زوجة شرف الدولة ، ولها منه ابنها علي ، وكانت قد تزوجت بعد شرف الدولة بأخيه إبراهيم ، فلما مات ملكشاه قصدت الموصل ، ومعها ابنها علي ، فقصدها محمد بن شرف الدولة ، وأراد أخذ الموصل ، فافترقت العرب فرقتين : فرقة معه ، وأخرى مع صفية وابنها علي ، واقتتلوا بالموصل عند الكناسة ، فظفر علي ، وانهزم محمد ، وملك علي الموصل .

فلما وصل إبراهيم إلى جهينة ، وبينه وبين الموصل أربعة فراسخ ، سمع أن [ ص: 369 ] الأمير عليا ابن أخيه شرف الدولة قد ملكها ، ومعه أمه صفية ، عمة ملكشاه ، فأقام مكانه ، وراسل صفية خاتون ، وترددت الرسل ، فسلمت البلد إليه ، فأقام به .

فلما ملك تتش نصيبين أرسل إليه يأمره أن يخطب له بالسلطنة ، ويعطيه طريقا إلى بغداذ لينحدر ، ويطلب الخطبة بالسلطنة ، فامتنع إبراهيم من ذلك ، فسار تتش إليه ، وتقدم إبراهيم أيضا نحوه ، فالتقوا بالمضيع ، من أعمال الموصل ، في ربيع الأول ، وكان إبراهيم في ثلاثين ألفا ، وكان تتش في عشرة آلاف ، وكان آقسنقر على ميمنته ، وبوزان على ميسرته ، فحمل العرب على بوزان فانهزم ، وحمل آقسنقر على العرب فهزمهم ، وتمت الهزيمة على إبراهيم ، والعرب ، وأخذ إبراهيم أسيرا ، وجماعة من أمراء العرب ، فقتلوا صبرا ، ونهبت أموال العرب ، وما معهم من الإبل ، والغنم ، والخيل ، وغير ذلك ، وقتل كثير من النساء العرب أنفسهن خوفا من السبي والفضيحة .

وملك تتش بلادهم الموصل ، وغيرها ، واستناب علي بن شرف الدولة مسلم ، وأمه صفية عمة تتش ، وأرسل إلى بغداذ يطلب الخطبة ، وساعده كوهرائين على ذلك ، فقيل لرسوله : إنا ننتظر وصول الرسل من العسكر فعاد إلى تتش بالجواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية