الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك مودود بن مسعود وقتله عمه محمدا لما قتل الملك مسعود وصل الخبر إلى ابنه مودود وهو بخراسان ، فعاد مجدا في عساكره إلى غزنة ، فتصاف هو وعمه محمد في ثالث شعبان ، فانهزم محمد وعسكره ، وقبض عليه وعلى ولده أحمد ، وأنوشتكين الخصي البلخي ، وابن علي خويشاوند ، فقتلهم ، وقتل أولاد عمه جميعهم ، إلا عبد الرحيم لإنكاره على أخيه عبد الرحمن ما فعله بعمه مسعود ، وبنى موضع الوقعة قرية ورباطا ، وسماها فتح آباذ ، وقتل كل من له في القبض على والده صنع ، وعاد إلى غزنة فدخلها في ثالث وعشرين شعبان سنة اثنتين وثلاثين [ وأربعمائة ] واستوزر أبا نصر وزير أبيه ، وأظهر العدل وحسن السيرة ، وسلك سيرة جده محمود .

وكان داود أخو طغرلبك قد ملك مدينة بلخ واستباحها ، كما ذكرناه ، ومودود [ ص: 19 ] مقابله ، فتجدد قتل مسعود ، فعاد ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، فلما تجدد هذا الظفر لمودود ثار أهل هراة بمن عندهم من الغز السلجوقية ، فأخرجوهم وحفظوها لمودود ، واستقر الأمر لمودود بغزنة ، ولم يبق له هم إلا أمر أخيه مجدود ، فإن أباه قد سيره إلى الهند سنة ست وعشرين [ وأربعمائة ] فخاف أن يخالف عليه ، فأتاه خبره أنه قصد لهاوور وملتان ، فملكهما ، وأخذ الأموال وجمع بها العساكر ، وأظهر الخلاف على أخيه ، فندب إليه مودود جيشا ليمنعوه ويقاتلوه ، وعرض مجدود عسكره للمسير ، وحضر عيد الأضحى ، فبقي بعده ثلاثة أيام ، وأصبح ميتا بلهاوور لا يدرى كيف كان موته ، وأطاعت البلاد بأسرها مودودا ، ورست قدمه ، وثبت ملكه ، ولما سمعت الغز السلجوقية ذلك خافوه ، واستشعروا منه ، وراسله ملك الترك بما وراء النهر بالانقياد والمتابعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية