الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويحل الاصطياد بجوارح السباع والطير ككلب ) ونمر صغير قابل للتعليم ( وفهد وباز وشاهين ) لقوله تعالى { أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين } أي وصيد ما علمتم ( بشرط كونها معلمة ) فإن لم يكن كذلك لم يحل ما قتلته فإن أدركه وفيه حياة مستقرة فلا بد من ذبحه لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ثعلبة { ما صدت بكلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل وما جرحت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل } متفق عليه ويشترط في كون الكلب ونحوه معلما أمور أشار إليها بقوله ( بأن تنزجر جارحة السباع بزجر صاحبها وتسترسل بإرساله ) أي تهيج بإغرائه ( وتمسك الصيد ) أي تحبسه على صاحبه ولا تقتله فإذا جاء صاحبه تخل بينه وبينه ، من غير مدافعة ( ولا تأكل منه ) أي من لحمه أو نحوه كجلده وحشوته قبل قتله أو عقبه .

                                                                                                                            ولا يقدح في حل ذلك أن يكون معلم الجارحة مجوسيا ( ويشترط ترك الأكل في جارحة الطير في الأظهر ) كما في جوارح السباع ، والثاني لا لأن تركه يكون بالضرب وهي لا تحتمله ، واقتصاره على هذا الشرط يقتضي عدم اشتراط غيره فيها وليس كذلك فلا بد كما قاله الرافعي أن تسترسل بإرساله .

                                                                                                                            قال الإمام : ولا مطمع في انزجارها بعد طيرانها ( ويشترط تكرر هذه الأمور بحيث يظن تأدب الجارحة ) ومرجعه أهل الخبرة بالجوارح ( ولو ظهر كونه معلما [ ص: 122 ] ثم أكل من لحم صيد ) قبل قتله أو عقبه ( لم يحل ذلك الصيد في الأظهر ) لأن عدم الأكل شرط في التعلم ابتداء فكذلك دواما والثاني يحل لأن الأصل بقاؤه على التأديب والأكل يحتمل أن يكون لشدة جوع أو غيظ على الصيد ولو أراد الصائد أخذه منه فامتنع وصار يقاتل دونه فكما لو أكل منه لأنه أمسك على نفسه ، وقوله ثم أكل مقيد بمرة كما في المحرر ليخرج به ما إذا تكرر منه الأكل وصار عادة له فإنه يحرم ما أكل منه قطعا ، ونبه بقوله ذلك الصيد على أنه لا ينعطف التحريم على ما اصطاده قبله وهو كذلك ، ومعلوم أنه لا يخرج بالأكل عن التعليم إلا إذا أكل ما أرسل عليه ، فإن استرسل المعلم بنفسه فقتل وأكل لم يقدح في تعليمه جزما ، وقوله من لحم صيد مثال فجلده وحشوته وأذنه وعظمه مثله ، وينبغي كما قاله الزركشي القطع بالحل في تناول شعره إذ ليس عادته الأكل منه ، ومثله الصوف والريش ( فيشترط ) على القول بالتحريم ( تعليم جديد ) لفساد التعليم الأول من حينه لا من أصله ( ولا أثر للعق الدم ) لأن المنع منوط في الخبر بالأكل من الصيد ولم يوجد ولأنه لم يتناول شيئا من مقصود الصائد فكان كتناوله الفرث .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويحل الاصطياد بجوارح السباع ) لو علم خنزيرا الاصطياد حل الصيد وإن حرم من حيث الاقتناء .

                                                                                                                            قاله طب بحثا ، ولا مانع منه ا هـ سم على منهج ( قوله : وصيد ما علمتم ) أي مصيد ( قوله : فإن أدركه ) أي ما قتلته غير المعلمة ( قوله : من غير مدافعة ) أي فإن دافعه لم يحل كما يأتي في قوله ولو أراد الصائد أخذه إلخ ( قوله : ولا مطمع في انزجارها ) أي فلا يشترط ذلك [ ص: 122 ] قوله : فإنه يحرم ما أكل منه ) مراده أنه يحرم ما أكل منه وما بعده ، ولو لم يأكل منه إلى أن يستأنف له تعليما جديدا بحيث يغلب على ظنه تعلمه ( قوله : فقتل وأكل لم يقدح في تعليمه ) وكذا كل ما استرسل عليه بنفسه فقتله بغير إرسال لعدم الاصطياد به فأشبه ما لو سقطت السكين على حلق شاة فقطعته ( قوله : إذ ليس عادته الأكل ) أي عادة ما صاد به ، فلا يقال : أكله منه يدل على أنه باق على ما اعتاده قبل التعلم من الأكل فالتعليم لم يؤثر فيه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : قابل للتعليم ) لعل مراده بهذا بيان ما يقبل التعليم من هذا النوع وإلا فمناط الحل كونه معلما بالفعل لا قبوله ، وأيضا فلا يخفى أنه لو علم صغيرا ثم كبر وهو على تعلمه أنه لا فرق بينه وبين الصغير فليراجع [ ص: 122 ] قوله : الفرث ) هو داخل الكرش




                                                                                                                            الخدمات العلمية