الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشرط قبولها ) أي شهادة الفرع على الأصل ( تعذر أو تعسر الأصل بموت أو عمى ) فيما لا يقبل فيه الأعمى ( أو مرض ) غير إغماء لما مر فيه ( يشق ) معه ( حضوره ) مشقة ظاهرة بأن يجوز ترك الجمعة كما قاما له الأم وإن اعترض ومن ثم كانت أعذار الجمعة أعذارا هنا لأن جميعها يقتضي تعذر الحضور . قالا : وكذا سائر الأعذار الخاصة بالأصل فإن عمت الفرع أيضا كالمطر والوحل لم يقبل ، لكن الأوجه كما قاله الإسنوي وغيره خلافه فقد يتحمل المشقة لنحو صداقة دون الأصل وليس من الأعذار الاعتكاف كما اقتضاه كلامهم ( أو غيبة لمسافة عدوى ) يعني لفوقها كما في الروضة كأصلها لأن ما دونه في حكم البلد فيقبل حينئذ الفرع لما في تكليف الأصل الحضور من [ ص: 327 ] المشقة ( وقيل ) لمسافة ( قصر ) لذلك ورد بمنعه في هذا الباب ، وإنما اعتبروها في غيبة الولي عن النكاح لأنه يمكنه التوكيل بلا مشقة بخلاف الأصل هنا ، ومر في التزكية قبول شهادة أصحاب المسائل بها عن آخرين في البلد وإن قلنا إنها شهادة على شهادة في البلد لمزيد الحاجة لذلك .

                                                                                                                            ولو حضر الأصل قبل الحكم تعينت شهادته ، وليس ما ذكر تكرارا مع ما مر آنفا من أن نحو موت الأصلي وجنونه وعماه لا يمنع شهادة الفرع لأن ذلك في بيان طريان العذر وهذا في مسوغ الشهادة على الشهادة وإن علم ذلك من هذا كما مرت الإشارة إليه ( وأن يسمي ) الفرع ( الأصول ) ليعرف القاضي عدالتهم أو ضدها ويتمكن الخصم من الجرح إن عرفه ، والمراد تسمية تحصل بها المعرفة ، وصوب الأذرعي وجوب تسمية القاضي المشهود عليه في هذه الأزمنة لما غلب على القضاة من الجهل والفسق ( ولا يشترط أن تزكيهم الفروع ) ولا أن يتعرضوا لصدقهم فيما شهدوا به بل لهم إطلاق الشهادة والقاضي يبحث عن عدالتهم ( فإن زكوهم قبل ) ذلك منهم إن تأهلوا للتعليل لانتفاء تهمتهم في تعديلهم ، وإنما لم تقبل تزكية أحد شاهدين في واقعة للآخر لأنه قام بأحد شطري الشهادة فلا يقوم بالآخر ، وتزكية الفرع الأصل من تتمة شهادة الفرع ولذا شرطت على وجه ، وتفنن هنا بجمع الأصول والفروع تارة وإفراد كل أخرى ( ولو شهدوا على شهادة عدلين أو عدول ولم يسموهم لم يجز ) لأنه يسد باب الجرح على الخصم ، ولو اجتمع شاهدا فرع وشاهدا أصل قدمت شهادة الأصل قبل شهادة الفرع كما إذا كان معه بعض ماء لا يكفيه يستعمله ثم يتيمم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لما مر ) أي من الفرق بين الطويل وغيره ( قوله : وليس من الأعذار الاعتكاف ) أي ولو منذورا [ ص: 327 ] قوله : وليس ما ذكر تكرارا ) ويتجه أن الحكم كذلك لو عاده القاضي كما لو برئ من مرضه ، وإن فرق ابن أبي الدم ببقاء العذر هنا لا ثم لأنه بحضور القاضي عنده لم يبق هناك عذر حتى يقال إنه باق ا هـ حج ( قوله : وصوب الأذرعي ) مسألة استطرادية ( قوله : وشاهد أصل ) وصورة ذلك أن يتحمل اثنان على شاهد أصل وحضرا عند القاضي وتحمل اثنان على أصل آخر ثم قام بهما عذر فتحمل على شهادتهما اثنان آخران فهذان شاهدان عن الفرع وذانك شاهدان على الأصل فتقدم شهادتهما على شهادة هذين ليحكم بشهادة الجميع ( قوله : قدمت شهادة الأصل ) أي وجوبا حتى لو انعكس الحال لم تقبل الشهادة على ما اقتضته هذه العبارة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ومن ثم لو كانت أعذار الجمعة إلخ ) تقدم التوقف في مثل هذه العبارة في موضعين . ثم رأيت الأذرعي سبق إلى التوقف في ذلك بنحو ما قدمناه من شمول نحو أكل ذي الريح الكريهة . ثم قال : ولا أحسب الأصحاب يسمحون بذلك أصلا وإنما تولد من إطلاق الإمام ومن تبعه ا هـ . وتوقف فيه في شرح الروض أيضا . واعلم أن في كلام الشارح هنا أمورا : منها أن قضية سياقه أن قوله ومن ثم إلخ ليس في كلام الإمام . ومنها أن قوله وكذا سائر الأعذار الخاصة يفيد أنها غير أعذار الجمعة . ومنها غير ذلك مما يعلم من سوق عبارة الرافعي ونصها : ويلحق خوف الغريم وسائر ما تترك به الجمعة بالمرض ، هكذا أطلق الإمام والغزالي لكن ذلك في الأعذار الخاصة دون ما يعم الأصول [ ص: 327 ] والفروع كالمطر والوحل الشديد انتهت ( قوله : وإنما اعتبروها في غيبة الولي ) أي في انتقال الولاية عنه للحاكم ( قوله قوله لأنه يمكنه التوكيل ) أي إذا كان دونها ( قوله : والمراد تسمية تحصل بها المعرفة ) ومعلوم أن ذلك إنما يتصور فيما إذا سبقت للقاضي معرفة بهما فليراجع .




                                                                                                                            الخدمات العلمية