الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ساق الأصيلي وغيره الآية كلها ، وأبو ذر اقتصر على قوله إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها واختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة ، وأكثرهم على أنها نزلت في شأن عثمان بن طلحة الحجبي العبدري سادن الكعبة حين أخذ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه مفتاح الكعبة يوم الفتح ، ذكره ابن سعد وغيره ، وقال محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب : إنها نزلت في الأمراء يعني الحكام بين الناس ، وفي الحديث : إن الله تعالى مع الحاكم ما لم يجر فإذا جار وكله الله إلى نفسه ، وقيل : نزلت في السلطان يعظ النساء ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال يدخل فيه وعظ السلطان النساء يوم العيد ، وقال شريح رحمه الله لأحد الخصمين : أعط حقه ، فإن الله تعالى قال : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال شريح : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة إنما هذا في الربا خاصة ، وربط المديان إلى سارية ، ومذهب الفقهاء أن الآية عامة في الربا وغيره ، وقال ابن عباس : الآية عامة ، قالوا : هذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات والزكوات والكفارات والنذور والصيام وغير ذلك ، فهو مؤتمن عليه ولا يطلع عليه العباد ، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغيرها مما يأتمنون فيه بعضهم على بعض ، فأمر الله تعالى بأدائها ، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء ، ثم إن البخاري أدخل الدين في الأمانة لثبوت الأمر بأدائه لأن الأمانة فسرت في الآية بالأوامر والنواهي ، فيدخل فيها جميع ما يتعلق بالذمة وما لا يتعلق ، قوله أن تحكموا بالعدل أي بأن تحكموا بالعدل ، قوله إن الله نعما يعظكم به قال الزمخشري : " نعما يعظكم به " إما أن تكون منصوبة موصوفة بــ " يعظكم به " وإما أن تكون مرفوعة موصولة كأنه قيل : نعم شيئا يعظكم به أو نعم الشيء الذي يعظكم به ، والمخصوص بالمدح محذوف أي نعم ما يعظكم به ذاك ، وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكم ، وقرئ " نعما " بفتح النون ، قوله إن الله كان سميعا بصيرا هما من أوصاف الذات والسمع إدراك المسموعات حال حدوثها والبصر إدراك المبصرات حال وجودها ، وقيل : إنهما في حقه تعالى صفتان تكشف بهما المسموعات والمبصرات انكشافا تاما ولا يحتاج فيهما إلى آلة لأن صفاته مخالفة لصفات المخلوقين بالذات فافهم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية