الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2279 1 - حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، قال عبد الملك بن ميسرة : أخبرني ، قال : سمعت النزال ، قال : سمعت عبد الله يقول : سمعت رجلا قرأ آية ، قال : سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم خلافها ، فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : كلاكما محسن ، قال شعبة : أظنه قال : لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " لا تختلفوا " إلى آخره لأن الاختلاف الذي يورث الهلاك هو أشد الخصومة ، وأشار بعضهم إلى أن الترجمة في قوله فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال إنه المناسب للترجمة ، قلت : الذي قلته هو الأنسب لأن فيما ذكره احتمال الخصومة ، والذي ذكرته فيه الخصومة المحققة على ما لا يخفى .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم خمسة : الأول : أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ، الثاني : شعبة بن الحجاج ، الثالث : عبد الملك بن ميسرة الهلالي ، يقال له الزراد بالزاي وتشديد الراء ، الرابع النزال بفتح النون وتشديد الزاي ابن سبرة بفتح السين وسكون الباء الموحدة الهلالي ، الخامس : عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه الإخبار بصيغة الإفراد في موضع ، وفيه القول في ثلاثة مواضع ، وفيه تقديم الراوي على الصيغة وهو جائز عند المحدثين ، وفيه السماع في أربعة مواضع ، وفيه أن شيخه بصري وشعبة واسطي وعبد الملك كوفي والنزال صحابي فيما ذكره أبو عمر فإنه ذكره في جملة الصحابة وغيره ، ذكره في التابعين الكبار ، فعلى قول أبي عمر : فيه رواية الصحابي عن الصحابي ، وعلى قول غيره : فيه رواية التابعي عن التابعي لأن عبد الملك من التابعين ، وفيه أن النزال ليس له في البخاري إلا هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود وآخر في الأشربة عن علي رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في ذكر بني إسرائيل وفي فضائل القرآن عن سفيان بن حرب ، وأخرجه النسائي في فضائل القرآن عن محمد بن عبد الأعلى .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) قوله " قرأ آية " وفي صحيح ابن حبان عن عبد الله : أقرأني رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم سورة الرحمن ، فخرجت إلى المسجد عشية ، فجلست إلى رهط ، فقلت لرجل : اقرأ علي ، فإذا هو يقرأ حرفا لا أقرؤها ، فقلت : من أقرأك ؟ قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقنا حتى وقفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : اختلفنا في قراءتنا ، فإذا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تغيير ، ووجد في نفسه حين ذكرت الاختلاف ، وقال : إنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف ، فأمر عليا رضي الله تعالى عنه ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما علم ، فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف ، قال : فانطلقنا وكل رجل منا يقرأ حرفا لا يقرأ صاحبه ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  فهذا يدل على أن كلا منهما ما خرج عن قراءة السبعة ، فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلاكما محسن أي في القراءة ، وإفراد الخبر باعتبار لفظ " كلا " ، وأما أصل السبعة فما رواه ابن حبان في صحيحه من [ ص: 250 ] حديث أبي بن كعب ، قال : قرأ رجل آية وقرأتها على غير قراءته ، فقلت : من أقرأك هذه ؟ قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقت فقلت : يا رسول الله ، أقرأتني آية كذا وكذا ؟ قال : نعم ، فقال الرجل له : أقرأتني آية كذا وكذا ؟ قال : نعم ، إن جبريل وميكائيل عليهما الصلاة والسلام أتياني ، فجلس جبريل عن يميني وميكائيل عليه الصلاة والسلام عن يساري ، فقال جبريل : يا محمد ، اقرإ القرآن على حرف ، فقال ميكائيل : استزده ، فقلت : زدني ، فقال : اقرأ على حرفين ، فقال ميكائيل : استزده ، حتى بلغ سبعة أحرف ، وقال : كل كاف شاف ، وفي لفظ : أنزل علي القرآن على سبعة أحرف ، وعند الترمذي : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ، إني بعثت إلى أمة أمية ، منهم العجوز والشيخ الكبير ، والغلام والجارية ، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط ، قال : يا محمد ، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ؟ قوله : قال شعبة : هو بالإسناد المذكور ، قوله " أظنه قال " أي قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تختلفوا ، أي لا تختلفوا في القرآن ، والاختلاف فيه كفر إذا نفى إنزاله إذا كان يقرأ خلاف ذلك ، ولا يخير بين القراءتين لأنهما كلاهما كلامه قديم غير مخلوق ، وإنما التفضيل في الثواب ، وفي معجم أبي القاسم البغوي : حدثنا عبد الله بن مطيع ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن يزيد بن خصيفة ، عن مسلم بن معبد ، عن أبي جهيم بن الحارث بن الصمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فلا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر .

                                                                                                                                                                                  ورواه أيضا أبو عبيد بن سلام في كتاب القراآت تأليفه عن إسماعيل بن جعفر .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية