الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2241 18 - حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الصعب بن جثامة قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا حمى إلا لله ولرسوله .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  الحديث عين الترجمة فلا مطابقة أقوى من هذا ، ورجاله سبعة ، كلهم قد ذكروا ويونس بن يزيد الأيلي والصعب ضد السهل ابن جثامة بفتح الميم وتشديد الثاء المثلثة الليثي مر في جزاء الصيد ، ورواية الليث عن يونس من الأقران لأن الليث قد سمع من شيخه ابن شهاب أيضا ، وفي هذا الإسناد تابعيان ابن شهاب وعبيد الله ، وصحابيان عبد الله بن عباس والصعب بن جثامة .

                                                                                                                                                                                  وهذا الحديث من أفراده ، ووقع في الإلمام للشيخ تقي الدين القشيري أنه من المتفق عليه وهو وهم بل ربما يكون من الناسخ ، وأخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن علي بن عبد الله عن سفيان ، وأخرجه أبو داود في الخراج عن ابن السرح عن ابن وهب عن يونس به ، وأخرجه النسائي في الحمى ، وفي السير عن أبي كريب عن ابن إدريس عن مالك عن ابن شهاب .

                                                                                                                                                                                  قوله " لا حمى إلا لله ولرسوله " أي لا حمى لأحد يخص نفسه يرعى فيه ماشيته دون سائر الناس وإنما هو لله ولرسوله ولمن ورد ذلك عنه من الخلفاء بعده إذا احتاج إلى ذلك لمصلحة المسلمين ، كما فعل الصديق والفاروق وعثمان لما احتاجوا إلى ذلك ، وعاب رجل من العرب عمر رضي الله تعالى عنه ، فقال : بلاد الله حميت لمال الله ، وأنكر أيضا على عثمان أنه زاد في الحمى وليس لأحد أن ينكر ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قد تقدم إليه ولخلفائه الاقتداء به والاهتداء ، وإنما يحمي الإمام ما ليس بملك لأحد مثل بطون الأودية والجبال والموات وإن كان ينتفع المسلمون بتلك المواضع فمنافعهم في حماية الإمام أكثر ، وقال ابن التين معنى الحديث لا حمى إلا على ما أذن الله لرسوله أن يحميه لا ما كان يحميه العرب في الجاهلية ، قيل : الأرجح عند الشافعية أن الحمى مختص بالخليفة ومنهم من ألحق به ولاة الأقاليم ، وقال بعضهم : استدل به الطحاوي لمذهبه في اشتراط إذن الإمام في إحياء الموات ، وتعقب بالفرق بينهما فإن الحمى أخص من الإحياء انتهى ، قلت : حصر الحمى لله ولرسوله يدل على أن حكم الأراضي إلى الإمام والموات من الأراضي ، ودعوى أخصية الحمى من الإحياء [ ص: 214 ] ممنوعة لأن كلا منهما لا يكون إلا فيما لا مالك له فيستويان في هذا المعنى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية