الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
( قول خالد بن سليمان أبي معاذ البلخي أحد الأئمة رحمه الله تعالى ) : روى عبد الرحمن بن أبي حاتم عنه بإسناده قال : كان جهم على معبر ترمذ ، وكان فصيح اللسان لم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم ، فكلمه السمنية فقالوا : صف لنا ربك الذي تعبده فدخل البيت لا يخرج ثم خرج إليهم بعد أيام فقال : هو هذا الهوى مع كل شيء وفي كل شيء ( و ) لا يخلو منه شيء ، قال أبو معاذ كذب عدو الله إن الله في السماء على العرش كما وصف نفسه ، وهذا صحيح عنه وأول من عرف عنه في هذه الأمة إنكار أن يكون الله فوق سماواته على عرشه هو جهم بن صفوان وقبله الجعد بن درهم ، ولكن الجهم هو الذي دعا إلى هذه المقالة وقررها وعنه أخذت ، فروى ابن أبي حاتم وعبد الله بن أحمد في كتابيهما في السنة عن شجاع بن أبي نصر - أبي نعيم البلخي - وكان قد أدرك جهما قال : كان لجهم صاحب يكرمه ويقدمه [ ص: 225 ] على غيره فإذا هو قد وقع به فصيح به وبدر به وقيل له : لقد كان يكرمك فقال : إنه قد جاء منه ما لا يحتمل ، بينما هو يقرأ طه والمصحف في حجره فلما أتى على هذه الآية : ( الرحمن على العرش استوى ) قال : أما والله لو وجدت السبيل إلى أن أحكها من المصحف لفعلت ، فاحتملت هذه ، ثم أنه بينما هو يقرأ آية إذ قال : ما أظرف محمدا حين قالها ، ثم بينما هو يقرأ : ( طسم ) القصص والمصحف في حجره إذ مر بذكر موسى عليه الصلاة والسلام فدفع المصحف بيديه ورجليه ، وقال : أي شيء هذا ذكره هاهنا فلم يتم ذكره ، فهذا شيخ النافين لعلو الرب على عرشه ومباينته من خلقه .

وذكر ابن أبي حاتم عنه بإسناده عن الأصمعي قال : قدمت امرأة جهم فقال رجل عندها : الله على عرشه . فقالت : محدود على محدود . قال الأصمعي : هي كافرة بهذه المقالة . فهذه المقالة إماماها هذا الرجل وامرأته ، وما أولاه بأن ( سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية