الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
( قول أبي عيسى الترمذي ) - رحمه الله تعالى قال في جامعه لما ذكر حديث أبي هريرة : لو [ ص: 243 ] أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله . قال : معناه لهبط على علم الله ، قال : وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه ، وقال في حديث أبي هريرة : ( إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه . . . ) قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما أشبهه من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى ( كل ليلة ) إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد ثبتت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال : كيف ؟ ، هكذا روي ( عن ) مالك ، وابن عيينة ، وابن المبارك ، أنهم قالوا في هذه الأحاديث : أمروها بلا كيف قال : وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة ، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات ، وقالوا : هذا تشبيه . وقد ذكر الله تعالى في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات وفسروها على غير ما فسر أهل العلم ، وقالوا : إن الله لم يخلق آدم بيده وإنما معنى اليد هاهنا القوة ، وقال إسحاق بن راهويه : إنما يكون التشبيه إذا قال : يد كيدي أو مثل يدي أو سمع كسمعي فهذا التشبيه ، وأما إذا قال كما قال الله ، يد وسمع وبصر ولا يقول : كيف ولا ( يقول ) : مثل سمع ولا كسمع . فهذا لا يكون تشبيها ( عنده ) ( وهو كما ) قال الله تعالى : [ ص: 244 ] ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) هذا كله كلامه وقد ذكره عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري في كتابه الفاروق بإسناده ، وكذلك من تأمل تبويب ابن ماجه في السنة والرد على الجهمية في أول كتابه ، وتبويب أبي داود فيما ذكر في الجهمية والقدرية وسائر أئمة أهل الحديث علم مضمون قولهم وأنهم كلهم على طريقة واحدة وقول واحد ، ولكن بعضهم بوب وترجم ولم يزد على الحديث غير التراجم والأبواب ، وبعضهم زاد التقرير وإبطال قول المخالف ، وبعضهم سرد الأحاديث ولم يترجم لها ، وليس فيهم من أبطل حقائقها وحرفها عن مواضعها وسمى تحريفها تأويلا كما فعلته الجهمية ، بل الذي بين أهل الحديث والجهمية من الحرب أعظم مما بين عسكر الكفر وعسكر الإسلام ، وابن ماجه قال في أول سننه : باب ما أنكرت الجهمية ثم روى أحاديث الرؤية ، وحديث أين كان ربنا ، وحديث جابر : بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوقهم فرفعوا رءوسهم فإذا الجبار جل جلاله قد أشرق عليهم من فوقهم . وحديث الأوعال الذي فيه : والعرش فوق ذلك والله فوق العرش . وحديث : إن الله ليضحك إلى ثلاثة . وغيرها من الأحاديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية