الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
( قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ) : روى أبو الشيخ في كتاب العظمة عن ابن مسعود قال : قال رجل : يا رسول الله ما الحاقة ؟ قال : يوم ينزل الرب تبارك وتعالى على عرشه [ ص: 252 ] وقال البخاري في ( كتاب ) خلق أفعال العباد : قال ابن مسعود في قوله تعالى : ( ثم استوى إلى السماء ) وقوله تعالى : ( ثم استوى على العرش ) قال : العرش على الماء والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه . وقال ابن مسعود : من قال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تلقاهن ملك فعرج بهن إلى الله فلا يمر بملأ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء بهن وجه الرحمن . أخرجه العسال في كتاب المعرفة بإسناد كلهم ثقات ، وقال الدارمي : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة عن الزبير بن عبد السلام عن أيوب بن عبد الله الفهري أن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار ، نور السماوات والأرض من نور وجهه ، وإن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار اليوم فينظر فيها ثلاث ساعات فيطلع فيها على ما يكره فيغضبه ذلك فأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش يجدونه يثقل عليهم فيسبحه الذين يحملون العرش وسرادقات العرش والملائكة المقربون وسائر الملائكة وهو في معجم الطبراني أطول من هذا . وصح عن السدي عن مرة عن ابن مسعود ، وعن أبي مالك وأبي صالح عن [ ص: 253 ] ابن عباس ، وعن مرة عن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله : ( ثم استوى إلى السماء ) وأن الله عز وجل كان على عرشه على الماء ولم يخلق شيئا قبل الماء . . . الحديث . وفيه فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش ، ولا يناقض هذا حديث " أول ما خلق الله القلم " لوجهين ، أحدهما : أن الأولية راجعة إلى كتابته لا إلى خلقه فإن الحديث : ( أول ما خلق الله القلم ) قال له : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة . والثاني : أن المراد أول ما خلقه الله من هذا العالم بعد خلق العرش ، فإن العرش مخلوق قبله في أصح قولي السلف حكاهما الحافظ عبد القادر الرهاوي ، ويدل على سبق خلق العرش قوله في الحديث الثابت : قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء . وقد أخبر أنه حين خلق القلم قدر به المقادير [ ص: 254 ] كما في اللفظ الآخر ، قال : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب القدر . فهذا هو التقدير المؤقت قبل خلق العالم بخمسين ألف سنة ، فثبت أن العرش سابق على القلم ، والعرش كان على الماء قبل خلق السماوات والأرض ، فأقوال الصحابة لا تناقض ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وروى أبو القاسم اللالكائي بإسناد صحيح عن خيثمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن العبد ليهم بالأمر من التجارة أو الإمارة حتى إذا تيسر له نظر الله إليه من فوق سبع سماوات فيقول للملائكة : اصرفوه عنه فإنه إن يسرته له أدخلته النار . وقد سبق نحوه عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا . وذكر سنيد بن داود بإسناد صحيح عنه أنه قال : ( ما ) بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وما بين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام ، والعرش على الماء والله تعالى على العرش ويعلم أعمالكم . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال : قال عبد الله : ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء . وقال حماد بن سلمة عن عطاء بن [ ص: 255 ] السائب عن الشعبي عن ابن مسعود قال : إن الله ملأ العرش حتى إن له أطيطا كأطيط الرحل . . . رواه حرب عن إسحاق عن روح عن آدم بن أبي إياس عن حماد .

التالي السابق


الخدمات العلمية