الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
( قول الحارث بن أسد المحاسبي ) : قال : وأما قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) ( وهو القاهر فوق عباده ) ( أأمنتم من في السماء ) ( إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ) فهذه وغيرها مثل قوله : ( تعرج الملائكة والروح إليه ) ( إليه يصعد الكلم الطيب ) هذا يوجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها متنزه عن الدخول في خلقه لا يخفى عليه [ ص: 273 ] منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أنه أراد أنه بنفسه فوق عباده ; لأنه قال : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) يعني فوق العرش والعرش على السماء لأن من ( قد ) كان فوق كل شيء على السماء ، في السماء وقد قال : ( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) أي على الأرض لا يريد الدخول في جوفها وكذلك قوله : ( يتيهون في الأرض ) يعني : على الأرض ، وكذلك قوله تعالى : ( ولأصلبنكم في جذوع النخل ) يعني : فوقها عليها ، وقال في موضع آخر : " فبين " عروج الأمر وعروج الملائكة ثم وصف وقت عروجها بالارتفاع صاعدة إليه فقال : ( في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) فذكر صعودها إليه ووصولها ( بقوله ) إليه كقول القائل : اصعد إلى فلان في ليلة أو يوم وذلك أنه في العلو وأن صعودك إليه في يوم فإذا صعدوا إلى العرش فقد صعدوا إلى الله عز وجل ، وإن كانوا لم يروه ولم يساووه في الارتفاع في علوه فإنهم صعدوا من الأرض وعرجوا بالأمر إلى العلو الذي الله تعالى فوقه ، وقال تعالى : ( بل رفعه الله إليه ) ولم يقل : عنده ، وقال فرعون : ( ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى ) ثم استأنف وقال : ( وإني لأظنه كاذبا ) يعني : فيما قال أن إلهه فوق السماوات فبين الله عز وجل أن فرعون ظن بموسى أنه كاذب فيما قال له ، وعمد إلى طلبه ، حيث قال له مع الظن بموسى أنه كاذب ولو أن موسى قال إنه في كل مكان بذاته لطلبه في بيته أو حشه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " ولم [ ص: 274 ] يجهد نفسه ببناء الصرح " .

التالي السابق


الخدمات العلمية