الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3522 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، [ ص: 101 ] ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن يوسف، وأخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك.

                                                                            قوله: " لا تدابروا "، معناه: التهاجر والتصارم مأخوذ من تولية الرجل دبره إذا رأى أخاه، وإعراضه عنه.

                                                                            وقال المورج: قوله: " لا تدابروا "، معناه: آسوا، ولا تستأثروا، وقال بعضهم: إنما قيل للمستأثر مستدبر.

                                                                            لأنه يولي عن أصحابه، إذا استأثر بشيء دونهم.

                                                                            فأما النهي عن الهجران أكثر من ثلاث، إنما جاء في هجران الرجل أخاه لعتب وموجدة، أو لنبوة تكون منه، فرخص له في مدة الثلاث لقلتها، وحرم ما وراءها.

                                                                            فأما هجران الوالد الولد، والزوج الزوجة، ومن كان في معناهما، فلا يضيق أكثر من ثلاث، وقد هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا.

                                                                            هذا قول الخطابي في كتابه.

                                                                            قلت: فأما هجران أهل العصيان، وأهل الريب في الدين، فشرع إلى أن تزول الريبة عن حالهم، وتظهر توبتهم، قال كعب بن مالك حين تخلف عن غزوة تبوك: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا، وذكر خمسين ليلة.

                                                                            وجعل محمد بن إسماعيل ، رحمه الله، الخمسين حدا لتبين توبة العاصي.

                                                                            وقال [ ص: 102 ] عبد الله بن عمر: لا تسلموا على شربة الخمر.

                                                                            وقال أبو الدرداء: لن تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله، ثم تقبل على نفسك، فتكون لها أشد مقتا منك للناس.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية