الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3597 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل ، نا أحمد بن يونس ، نا زهير، نا منصور، عن ربعي بن حراش.

                                                                            نا ابن مسعود ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن مما أدرك الناس [ ص: 174 ] من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي، فاصنع ما شئت ".

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            وقوله: " من كلام النبوة الأولى "، معناه: اتفاق كلمة الأنبياء صلوات الله عليهم على استحسان الحياء، فما من نبي إلا ندب إليه، وبعث عليه.

                                                                            وقوله: " فافعل ما شئت "، فيه أقاويل، أحدها: أن معناه معنى الخبر، وإن كان لفظه لفظ الأمر، كأنه يقول: إذا لم يمنعك الحياء، فعلت ما شئت مما تدعوك إليه نفسك من القبيح، وإلى هذا المعنى ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام ، وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: معناه الوعيد، كقوله سبحانه: ( اعملوا ما شئتم ) ، أي: اصنع ما شئت، فإن الله مجازيك.

                                                                            وقال أبو إسحاق المروزي: معناه: أن تنظر إلى ما تريد أن تفعله، فإن كان ذلك مما لا يستحيا منه، فافعله، وإن كان مما يستحيا منه، فدعه، والله أعلم.

                                                                            وروى هذا الحديث جرير، عن منصور، بإسناده، ثم قال جرير: معناه: أن يريد الرجل أن يعمل الخير، فيدعه حياء من الناس، كأنه يخاف مذهب الرياء، يقول: فلا يمنعك الحياء من المضي لما أردت.

                                                                            قال أبو عبيد: وهو شبيه بالحديث الآخر: " إذا جاءك الشيطان وأنت تصلي، فقال: إنك ترائي فزدها طولا ".

                                                                            وكذلك قال الحسن: [ ص: 175 ] ما أحد أراد شيئا من الخير إلا سارت في قلبه سورتان، فإذا كانت الأولى منهما لله، فلا تهيدنه الآخرة.

                                                                            قال أبو عبيد: إنما وجهه عندي على جهة الذم لترك الحياء.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية