الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( تتمة ) ذكر أبو الفضل القاضي عياض - رحمه الله تعالى - في كتابه الشفا أنه يجب على المتكلم فيما يجوز على النبي - صلى الله عليه وسلم - وما لا [ ص: 309 ] يجوز على طريق المذاكرة والتعليم أن يلتزم في كلامه عند ذكره - عليه الصلاة والسلام - وذكر تلك الأحوال ، الواجب توقيره وتعظيمه ، ويراقب حال بيانه ولا يهمله ، وتظهر عليه علامات الأدب عند ذكره ، فإذا ذكر ما قاساه - عليه السلام - من الشدائد ظهر عليه الإشفاق والارتماض والغيظ على عدوه ، ومودة الفداء للنبي - صلى الله عليه وسلم - لو قدر عليه والنصرة له لو أمكنته ، وإذا أخذ في أبواب العصمة وتكلم على مجاري أعماله وأقواله - عليه السلام - تحرى أحسن اللفظ ، وآدب العبارة ما أمكنه ، واجتنب بشع ذلك ، وهجر من تلك العبارة ما يقبح كلفظة الجهل والكذب والمعصية ، فإذا تكلم في الأقوال قال : هل يجوز الخلف في القول والإخبار بخلاف ما وقع سهوا أو غلطا ؟ ونحوه من العبارة ، وتجنب لفظة الكذب جملة واحدة ، وإذا تكلم على العلم قال : هل يجوز أن لا يعلم إلا ما علم ؟ وهل يمكن أن لا يكون عنده علم من بعض الأشياء حتى يوحى إليه ؟ ولا يقول يجهل لقبح لفظه وشناعته ، وإذا تكلم في الأفعال قال : هل يجوز منه المخالفة في بعض الأوامر والنواهي ومواقعة بعض الصغائر ؟ فهو آدب وأولى من قوله : هل يجوز أن يعصي أو أن يذنب أو أن يفعل كذا وكذا من أنواع المعاصي ؟ فهذا من حق توقيره عليه الصلاة والسلام وما يجب له من توقير وإعظام قدر .

وأما ما يورده على جهة النفي والتنزيه عنه فلا حرج في شرح العبارة وتصريحها كقوله : لا يجوز - عليه السلام - الكذب جملة ، ولا إتيان الكبائر بوجه ، ولا الجور في الحكم على حال . ولكن مع هذا يجب ظهور توقيره وتعظيمه عند ذكره مجردا فكيف عند ذكر مثل هذا ؟ وقد كان السلف يظهر عليهم حالات شديدة عند مجرد ذكره - صلى الله عليه وسلم - . انتهى ملخصا .

ومثله في ذلك جميع الأنبياء والمرسلين - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - . وقد فهم مما تقدم الواجب في حقهم ، والمستحيل عليهم مما عصموا منه صلوات الله وسلامه عليهم ، وأشار إلى الجائز في حقهم بقوله :

التالي السابق


الخدمات العلمية