الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( تنبيهات )

( الأول ) ما قدمنا من اعتبار كون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مستقيم الحال هو عين الكمال والمؤثر أمره ونهيه في القلوب ، والذي قاله وحاله ترياق الذنوب في ظهور الإنجاح وإدراك الفلاح ، وأما الوجوب فلا يسقط عن المكلف وإن كان بغير تلك الأوصاف ، بل من غير أهل العدالة والعفاف ، فعلى مرتكب الذنب النهي عن مثل ما ارتكب ، لأن تركه للمنكر [ ص: 433 ] ونهيه فرضان متميزان ليس لمن يترك أحدهما أن يترك الآخر ، فيجب على متعاطي الكأس أن ينكر على الجلاس ، لأن النهي عن المنكر واجب والانكفاف عن المحرم واجب ، والإخلال بأحد الواجبين لا يمنع وجوب فعل الآخر ، وقد روى ابن أبي الدنيا بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا : " مروا الناس بالمعروف وإن لم تعملوا به ، وانهوا الناس عن المنكر وإن لم تتناهوا عنه كله " . وقيل للحسن : إن فلانا لا يعظ ويقول أخاف أن أقول ما لا أفعل . فقال الحسن : وأينا يفعل ما يقول ود الشيطان أنه قد ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر . وقال الإمام مالك عن ربيعة قال سعيد بن جبير : لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر . قال الإمام مالك : ( وصدق ) ومن ذا الذي ليس فيه شيء !

التالي السابق


الخدمات العلمية