الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ( 24 ) ) .

قوله تعالى : ( ماذا أنزل ربكم ) : " ماذا " فيها وجهان :

أحدهما : " ما " فيها استفهام ، و " ذا " بمعنى الذي ، وقد ذكر في البقرة ، والعائد محذوف ; أي أنزله .

و ( أساطير ) : خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : ما ادعيتموه منزلا أساطير .

ويقرأ أساطير بالنصب ، والتقدير : وذكرتم أساطير ، أو أنزل أساطير ، على الاستهزاء .

قال تعالى : ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ( 25 ) ) .

قوله تعالى : ( ليحملوا ) : أي قالوا ذلك ليحملوا ; وهي لام العاقبة .

( ومن أوزار الذين ) : أي وأوزار الذين .

[ ص: 106 ] وقال الأخفش : " من " زائدة .

قال تعالى : ( قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ( 26 ) ) .

قوله تعالى : ( من القواعد ) : أي من ناحية القواعد ; والتقدير : أتى أمر الله .

( من فوقهم ) : يجوز أن يتعلق " من " بخر ، وتكون " من " لابتداء الغاية ; وأن تكون حالا ; أي كائنا من فوقهم ، وعلى كلا الوجهين هو توكيد .

قال تعالى : ( ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ( 27 ) ) .

قوله تعالى : ( تشاقون ) : يقرأ بفتح النون ، والمفعول محذوف ; أي تشاقون المؤمنين ، أو تشاقونني .

ويقرأ بكسرها مع التشديد ، فأدغم نون الرفع في نون الوقاية .

ويقرأ بالكسر والتخفيف ، وهو مثل ( فبم تبشرون ) [ الحجر : 54 ] وقد ذكر .

قوله تعالى : ( إن الخزي اليوم ) : في عامل الظرف وجهان ; أحدهما : الخزي وهو مصدر فيه الألف واللام . والثاني : هو معمول الخبر ; وهو قوله تعالى : ( على الكافرين ) أي كائن على الكافرين اليوم ، وفصل بينهما بالمعطوف لاتساعهم في الظرف .

قال تعالى : ( الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ( 28 ) ) .

قوله تعالى : ( الذين تتوفاهم ) : في الجر والنصب والرفع ، وقد ذكر في مواضع . و ( تتوفاهم ) : بمعنى توفتهم .

( فألقوا السلم ) : يجوز أن يكون معطوفا على : ( قال الذين أوتوا العلم ) [ النحل : 27 ] .

ويجوز أن يكون معطوفا على توفاهم .

ويجوز أن يكون مستأنفا .

[ ص: 107 ] و ( السلم ) هنا بمعنى القول ، كما قال في الآية الأخرى ( فألقوا إليهم القول ) [ النحل : 86 ] فعلى هذا يجوز أن يكون " ما كنا نعمل من سوء " تفسيرا للسلم الذين ألقوه ; ويجوز أن يكون مستأنفا ; ويجوز أن يكون التقدير : فألقوا السلم قائلين ما كنا .

قال تعالى : ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين ( 30 ) ) .

قوله تعالى : ( ماذا أنزل ربكم ) : " ما " في موضع نصب بأنزل ، ودل على ذلك نصب الجواب ; وهو قوله : ( قالوا خيرا ) : أي أنزل خيرا .

قال تعالى : ( جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين ( 31 ) ) .

قوله تعالى : ( جنات عدن ) : يجوز أن تكون هي المخصوصة بالمدح ، مثل زيد في : نعم الرجل زيد .

و ( يدخلونها ) : حال منها . ويجوز أن يكون مستأنفا ، و " يدخلونها " الخبر .

ويجوز أن يكون الخبر محذوفا ; أي لهم جنات عدن ، ودل على ذلك قوله تعالى : ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) [ النحل : 30 ] .

( كذلك يجزي ) : الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف .

قال تعالى : ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ( 32 ) ) .

قوله تعالى : ( طيبين ) : حال من المفعول . و " يقولون " حال من الملائكة .

قال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ( 36 ) ) .

قوله تعالى : ( أن اعبدوا ) : يجوز أن تكون " أن " بمعنى أي . وأن تكون مصدرية .

( من هدى ) : من : نكرة موصوفة مبتدأ ، وما قبلها الخبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية