الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ( 84 ) ) .

[ ص: 40 ] قوله تعالى : ( أخاهم ) مفعول فعل محذوف ; أي وأرسلنا إلى مدين . و ( شعيبا ) : بدل .

و ( تنقصوا ) : يتعدى إلى المفعول بنفسه ، وإلى آخر تارة بنفسه وتارة بحرف جر ; تقول : نقصت زيدا حقه ; ومن حقه ; وهو هاهنا كذلك ; أي لا تنقصوا الناس من المكيال .

ويجوز أن يكون هنا متعديا إلى واحد على المعنى ; أي لا تقللوا وتطففوا .

و ( محيط ) : نعت ليوم في اللفظ ، وللعذاب في المعنى .

وذهب قوم إلى أن التقدير : عذاب يوم محيط عذابه ; وهو بعيد ; لأن محيطا قد جرى على غير من هو له ؛ فيجب إبراز فاعله مضافا إلى ضمير الموصوف .

قال تعالى : ( قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ( 87 ) ) .

قوله تعالى : ( أو أن نفعل ) : في موضع نصب عطفا على " ما يعبد " والتقدير : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ، أو أن نترك أن نفعل ، وليس بمعطوف على أن نترك ; إذ ليس المعنى : أصلواتك تأمرك أن نفعل في أموالنا .

قال تعالى : ( ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ( 89 ) ) .

قوله تعالى : ( لا يجرمنكم ) : يقرأ بفتح الياء وضمها ، وقد ذكر في المائدة ، وفاعله " شقاقي " و " أن يصيبكم " : مفعوله الثاني .

قال تعالى : ( قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط ( 92 ) ) .

قوله تعالى : ( واتخذتموه ) : هي المتعدية إلى مفعولين ، و " ظهريا " المفعول الثاني .

و ( وراءكم ) : يجوز أن يكون ظرفا لاتخذتم ، وأن يكون حالا من ظهريا .

قال تعالى : ( ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب ( 93 ) ) .

قوله تعالى : ( فسوف تعلمون من يأتيه ) : هو مثل الذي في قصة نوح عليه السلام . [ ص: 41 ] قوله تعالى : ( كما بعدت ) : يقرأ بكسر العين ، ومستقبله يبعد ، والمصدر بعدا بفتح العين فيهما ; أي هلك . ويقرأ بضم العين ، ومصدره البعد ; وهو من البعد في المكان .

قال تعالى : ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ( 98 ) ) .

قوله تعالى : ( يقدم قومه ) : هو مستأنف لا موضع له .

( فأوردهم ) تقديره : فيوردهم . وفاعل ( بئس ) : ( الورد ) . والمورود نعت له ، والمخصوص بالذم محذوف ، تقديره : بئس الورد النار .

ويجوز أن يكون المورود هو المخصوص بالذم .

قال تعالى : ( ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد ( 100 ) ) .

قوله تعالى : ( ذلك من أنباء القرى ) : ابتداء ، وخبر . و ( نقصه ) حال ; ويجوز أن يكون " ذلك " مفعولا به ، والناصب له محذوف ; أي ونقص ذلك من أنباء القرى وفيه أوجه أخر قد ذكرت في قوله تعالى : ( ذلك من أنباء الغيب ) في آل عمران .

( منها قائم ) : مبتدأ وخبر في موضع الحال من الحال من الهاء في نقصه .

و ( حصيد ) : مبتدأ خبره محذوف ; أي ومنها حصيد ، وهو بمعنى محصود .

قال تعالى : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ( 102 ) ) .

قوله تعالى : ( إذا أخذ ) : ظرف ، والعامل فيه " أخذ ربك " .

قال تعالى : ( إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ( 103 ) ) .

قوله تعالى : ( ذلك ) مبتدأ . و " يوم " خبره ، و " مجموع " : صفة يوم .

و ( الناس ) مرفوع بمجموع .

التالي السابق


الخدمات العلمية