الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ( 33 ) ) .

قوله تعالى : ( رب السجن ) : يقرأ بكسر السين وضم النون ، وهو مبتدأ ، و " أحب " : خبره . والمراد المحبس ; والتقدير : سكنى السجن .

ويقرأ بفتح السين على أنه مصدر .

ويقرأ " رب " بضم الباء من غير ياء ، " والسجن " بكسر السين ، والجر على الإضافة ; أي صاحب السجن . والتقدير : لقاؤه أو مقاساته .

قال تعالى : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ( 35 ) ) .

قوله تعالى : ( بدا لهم ) : في فاعل " بدا " ثلاثة أوجه ; أحدها : هو محذوف ، و ( ليسجننه ) : قائم مقامه ; أي بدا لهم السجن ، فحذف وأقيمت الجملة مقامه ، وليست الجملة فاعلا ; لأن الجمل لا تكون كذلك . والثاني : أن الفاعل مضمر ، وهو مصدر بدا ; أي بدا لهم بداء ، فأضمر . والثالث : أن الفاعل ما دل عليه الكلام ; أي بدا لهم رأى ; أي فأضمر أيضا . و ( حتى ) : متعلقة بيسجننه . والله أعلم .

[ ص: 57 ] قال تعالى : ( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ( 36 ) ) . قوله تعالى : ( ودخل معه السجن ) : الجمهور على كسر السين ، وقرئ بفتحها ; والتقدير : موضع السجن ، أو في السجن .

و ( قال ) : مستأنف ; لأنه لم يقل ذلك المنام حال دخوله ، ولا هو حال مقدرة ; لأن الدخول لا يؤدي إلى المنام .

( فوق رأسي ) : ظرف لأحمل .

ويجوز أن يكون حالا من الخبز . و " تأكل " : صفة له .

قال تعالى : ( يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ( 39 ) ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 40 ) ياصاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ( 41 ) ) .

قوله تعالى : ( أم الله الواحد ) : " أم " هنا متصلة .

( سميتموها ) : يتعدى إلى مفعولين ، وقد حذف الثاني ; أي سميتموها آلهة .

و " أسماء " هنا بمعنى مسميات ، أو ذوي أسماء ; لأن الاسم لا يعبد .

( أمر ألا ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا ، و ( قد ) معه مرادة ; وهو ضعيف لضعف العامل فيه .

قال تعالى : ( وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين ( 42 ) ) .

قوله تعالى : ( منهما ) : يجوز أن يكون صفة لناج ; وأن يكون حالا من الذي ; ولا يكون متعلقا بناج ; لأنه ليس المعنى عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية