الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ( 56 ) ) .

قوله تعالى : ( يتبوأ منها حيث يشاء ) : حيث : ظرف ليتبوأ . ويجوز أن يكون مفعولا به ، ومنها يتعلق بيتبوأ ; ولا يجوز أن يكون حالا من " حيث " لأن حيث لا تتم إلا بالمضاف إليه ، وتقديم الحال على المضاف إليه لا يجوز .

و ( يشاء ) بالياء ، وفاعله ضمير يوسف . وبالنون ضمير اسم الله على التعظيم . ويجوز أن يكون فاعله ضمير يوسف ; لأن مشيئته من مشيئة الله .

[ ص: 60 ] واللام في " ليوسف " زائدة ; أي مكنا يوسف .

ويجوز أن لا تكون زائدة ، ويكون المفعول محذوفا ; أي مكنا ليوسف الأمور .

و ( يتبوأ ) : حال من يوسف .

قال تعالى : ( وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون ( 62 ) ) .

قوله تعالى : ( لفتيته ) : يقرأ بالتاء على فعلة ، وهو جمع قلة مثل صبية . وبالنون مثل غلمان ، وهو من جموع الكثرة ; وعلى هذا يكون واقعا موقع جمع القلة .

( إذا انقلبوا ) : العامل في إذا : " يعرفونها " .

قال تعالى : ( فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون ( 63 ) ) .

قوله تعالى : ( نكتل ) : يقرأ بالنون ; لأن إرساله سبب في الكيل للجماعة . وبالياء على أن الفاعل هو الأخ ; ولما كان هو السبب نسب الفعل إليه ; فكأنه هو الذي يكيل للجماعة .

قال تعالى : ( قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ( 64 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا كما أمنتكم ) : في موضع نصب على المصدر ; أي أمنا كأمني إياكم على أخيه .

( خير حافظا ) : يقرأ بالألف ، وهو تمييز ; ومثل هذا يجوز إضافته ، وقيل : هو حال .

ويقرأ " حفظا " وهو تمييز لا غير .

قال تعالى : ( ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير ( 65 ) ) . [ ص: 61 ] قوله تعالى : ( ردت ) : الجمهور على ضم الراء ، وهو الأصل .

ويقرأ بكسرها ; ووجهه أنه نقل كسرة العين إلى الفاء ، كما فعل في قيل وبيع ، والمضاعف يشبه المعتل .

( ما نبغي ) : " ما " : استفهام في موضع نصب بنبغي . ويجوز أن تكون نافية ; ويكون في ( نبغي ) وجهان ; أحدهما : بمعنى نطلب ; فيكون المفعول محذوفا ; أي ما نطلب الظلم . والثاني : أن يكون لازما بمعنى : ما نتعدى .

قال تعالى : ( قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل ( 66 ) ) .

قوله تعالى : ( لتأتنني به ) : هو جواب قسم على المعنى ; لأن الميثاق بمعنى اليمين .

( إلا أن يحاط ) : هو استثناء من غير الجنس .

ويجوز أن يكون من الجنس ; ويكون التقدير : لتأتنني به على كل حال إلا في حال الإحاطة بكم .

قال تعالى : ( ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 68 ) ) .

قوله تعالى : ( ولما دخلوا من حيث أمرهم ) في جواب " لما " وجهان :

أحدهما : هو آوى ، وهو جواب " لما " الأولى ، والثانية ; كقولك : لما جئتك ولما كلمتك أجبتني ، وحسن ذلك أن دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الأبواب .

والثاني : هو محذوف ، تقديره : امتثلوا أو قضوا حاجة أبيهم ونحوه .

ويجوز أن يكون الجواب معنى " ما كان يغني عنهم " .

و ( حاجة ) : مفعول من أجله ، وفاعل يغني " التفرق " .

التالي السابق


الخدمات العلمية