الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا ( 45 ) ) .

قوله تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا ) : يجوز أن تجعل " اضرب " بمعنى اذكر ، فيتعدى إلى واحد ; فعلى هذا يكون " كماء أنزلناه " خبر مبتدأ محذوف ; أي هو كماء .

وأن يكون بمعنى صير ، فيكون " كماء " مفعولا ثانيا .

( فاختلط به ) : قد ذكر في يونس .

( تذروه ) : هو من ذرت الريح تذروه ذروا ; أي فرقت .

ويقال : ذرت تذري ، وقد قرئ به . ويقال : أذرت تذري ، كقولك : أذريته عن فرسه ; إذا ألقيته عنها ، وقرئ به أيضا .

قال تعالى : ( ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ( 47 ) ) .

قوله تعالى : ( ويوم نسير الجبال ) : أي واذكر يوم .

وقيل : هو معطوف على " عند ربك " أي الصالحات خير عند الله ، وخير يوم نسير . وفي " نسير " قراءات كلها ظاهرة .

( وترى ) : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وقيل : لكل إنسان .

و ( بارزة ) : حال .

( وحشرناهم ) : في موضع الحال ، و " قد " مرادة ; أي وقد حشرناهم .

قال تعالى : ( وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ( 48 ) ) .

[ ص: 151 ] قوله تعالى : ( صفا ) : حال بمعنى مصطفين ; أي مصفوفين . والتقدير : يقال لهم : " لقد جئتمونا " أو مفعولا لهم ; فيكون حالا أيضا .

و ( بل ) : هاهنا للخروج من قصة إلى قصة .

قال تعالى : ( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ( 49 ) ) .

قوله تعالى : ( لا يغادر ) : في موضع الحال من الكتاب .

قال تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ( 50 ) ) .

قوله تعالى : ( وإذ قلنا ) : أي واذكر .

( إلا إبليس ) : استثناء من غير الجنس ، وقيل : من الجنس .

و ( كان من الجن ) : في موضع الحال ، و " قد " معه مرادة .

( ففسق ) : إنما أدخل الفاء لأن المعنى إلا إبليس امتنع ففسق .

( بئس ) : اسمها مضمر فيها . والمخصوص بالذم محذوف ; أي بئس البدل هو وذريته .

و ( للظالمين ) : حال من " بدلا " وقيل : يتعلق ببئس .

قال تعالى : ( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ( 51 ) ) .

قوله تعالى : ( ما أشهدتهم ) : أي إبليس وذريته . ويقرأ ( أشهدناهم ) .

( عضدا ) : يقرأ بفتح العين وضم الضاد ، وبفتح العين وضمها مع سكون الضاد ، والأصل هو الأول ، والثاني تخفيف ، وفي الثالث نقل . ولم يجمع ; لأن الجمع في حكم الواحد ; إذ كان المعنى أن جميع المضلين لا يصلح أن ينزلوا في الاعتضاد بهم منزلة الواحد . ويجوز أن يكون اكتفى بالواحد عن الجمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية