الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم ( 65 ) ) . قوله تعالى : ( إن العزة ) : هو مستأنف ، والوقف على ما قبله .

قال تعالى : ( ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ( 66 ) ) .

قوله تعالى : ( وما يتبع ) : فيه وجهان : أحدهما هي نافية ، ومفعول " يتبع " محذوف دل عليه قوله : " إن يتبعون إلا الظن " .

و " شركاء " مفعول " يدعون " ; ولا يجوز أن يكون مفعول " يتبعون " ;لأن المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء ، وليس كذلك . والوجه الثاني : أن تكون ( ما ) استفهاما في موضع نصب بـ " يتبع " .

قال تعالى : ( قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون ( 68 ) ) .

قوله تعالى : ( إن عندكم من سلطان ) : إن هاهنا بمعنى " ما " لا غير .

( بهذا ) : يتعلق بسلطان أو نعت له .

قال تعالى : ( متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ( 70 ) ) .

قوله تعالى : ( متاع في الدنيا ) : خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : افتراؤهم ، أو حياتهم ، أو تقلبهم ، ونحو ذلك .

قال تعالى : ( واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ( 71 ) ) .

قوله تعالى : ( إذ قال لقومه ) : " إذ " ظرف ، والعامل فيه " نبأ " ويجوز أن يكون حالا .

[ ص: 17 ] ( فعلى الله ) : الفاء جواب الشرط . والفاء في " فأجمعوا " عاطفة على الجواب . " وأجمعوا " بقطع الهمزة من قولك : أجمعت على الأمر إذا عزمت عليه ، إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل بنفسه . وقيل : هو متعد بنفسه في الأصل ، ومنه قول الحارث :

أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

وأما : ( شركاءكم ) فالجمهور على النصب ، وفيه أوجه : أحدها : هو معطوف على " أمركم " تقديره : وأمر شركائكم ; فأقام المضاف إليه مقام المضاف . والثاني : هو مفعول معه تقديره : مع شركائكم . والثالث : هو منصوب بفعل محذوف ; أي وأجمعوا شركاءكم . وقيل : التقدير : وادعوا شركاءكم .

ويقرأ بالرفع ، وهو معطوف على الضمير في " أجمعوا " .

ويقرأ " فاجمعوا " بوصل الهمزة وفتح الميم ; والتقدير : ذوي أمركم ; لأنك تقول : جمعت القوم ، وأجمعت الأمر ، ولا تقول : جمعت الأمر على هذا المعنى ، وقيل : لا حذف فيه ; لأن المراد بالجمع هنا ضم بعض أمورهم إلى بعض .

( ثم اقضوا إلي ) : يقرأ بالقاف والضاد من قضيت الأمر ، والمعنى : اقضوا ما عزمتم عليه من الإيقاع بي .

ويقرأ بفتح الهمزة والفاء والضاد ، والمصدر منه : الإفضاء ، والمعنى : صلوا إلي ، ولام الكلمة واو ، يقال : فضا المكان يفضو ; إذا اتسع .

قال تعالى : ( ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين ( 74 ) ) .

قوله تعالى : ( من بعده ) : الهاء تعود على نوح عليه السلام .

( فما كانوا ) : الواو ضمير القوم ، والضمير في ( كذبوا ) يعود على قوم نوح ، والهاء في ( به ) لنوح . والمعنى : فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذي كذب به قوم نوح ; أي بمثله .

ويجوز أن تكون الهاء لنوح ، ولا يكون فيه حذف ، والمعنى : فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بنوح عليه السلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية