الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ( 60 ) ) .

قوله تعالى : ( وإذ قال ) : أي واذكر . ( لا أبرح ) : فيه وجهان ; أحدهما : هي الناقصة ، وفي اسمها وخبرها وجهان ; أحدهما : خبرها محذوف ; أي لا أبرح أسير . والثاني : الخبر " حتى أبلغ " والتقدير : لا أبرح سيري ; ثم حذف الاسم ، وجعل ضمير المتكلم عوضا منه ، فأسند الفعل إلى المتكلم .

[ ص: 154 ] والوجه الآخر : هي التامة والمفعول محذوف ; أي لا أفارق السير حتى أبلغ كقولك : لا أبرح المكان ; أي لا أفارقه .

( أو أمضي ) : في " أو " وجهان :

أحدهما : هي لأحد الشيئين ; أي أسير حتى يقع إما بلوغ المجمع ، أو مضي الحقب . والثاني : أنها بمعنى إلا أن ; أي إلا أن أمضي زمانا أتيقن معه فوات مجمع البحرين . والمجمع : ظرف . ويقرأ بكسر الميم الثانية حملا على المغرب والمطلع .

قال تعالى : ( فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا ( 61 ) ) قوله تعالى : ( سبيله ) : الهاء تعود على الحوت .

و ( في البحر ) : يجوز أن يتعلق باتخذ ، وأن يكون حالا من السبيل ، أو من " سربا " .

قال تعالى : ( قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ( 63 ) ) .

قوله تعالى : ( أن أذكره ) : في موضع نصب بدلا من الهاء في أنسانيه ; أي ما أنساني ذكره ، وكسر الهاء وضمها جائزان . وقد قرئ بهما .

( عجبا ) : مفعول ثان لاتخذ . وقيل : هو مصدر ; أي قال موسى : عجبا ; فعلى هذا يكون المفعول الثاني لاتخذ : " في البحر " .

قال تعالى : ( قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ( 6 ) .

قوله تعالى : ( نبغي ) : الجيد إثبات الياء ، وقد قرئ بحذفها على التشبيه بالفواصل ; وسهل ذلك أن الياء لا تضم هاهنا .

( قصصا ) : مصدر " فارتدا " على المعنى . وقيل : هو مصدر فعل محذوف ; أي يقصان قصصا . وقيل : هو في موضع الحال ; أي مقتصين ، و " علما " : مفعول به ، ولو كان مصدرا لكان تعليما .

[ ص: 155 ] قال تعالى : ( قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا ( 66 ) ) .

قوله تعالى : ( على أن تعلمني ) : هو في موضع الحال ; أي أتبعك بإذلالي ، والكاف صاحب الحال .

و ( رشدا ) : مفعول تعلمن .

ولا يجوز أن يكون مفعول " علمت " لأنه لا عائد إذن على الذي ; وليس بحال من العائد المحذوف ; لأن المعنى على ذلك يبعد .

والرشد والرشد لغتان ، وقد قرئ بهما .

قال تعالى : ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ( 68 ) ) .

قوله تعالى : ( خبرا ) : مصدر ; لأن تحيط بمعنى تخبر .

قال تعالى : ( قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ( 70 ) ) .

قوله تعالى : ( تسألني ) : يقرأ بسكون اللام وتخفيف النون وإثبات الياء . وبفتح اللام وتشديد النون ، ونون الوقاية محذوفة . ويجوز أن تكون النون الخفيفة دخلت على نون الوقاية . ويقرأ بفتح النون وتشديدها .

قال تعالى : ( فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ( 71 ) ) .

قوله تعالى : ( لتغرق أهلها ) : يقرأ بالتاء على الخطاب مشددا ومخففا ، وبالياء وتسمية الفاعل .

التالي السابق


الخدمات العلمية