الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4984 34 - حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، عن أخيه ، عن سليمان ، عن حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك يقول : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وكانت انفكت رجله ، فأقام في مشربة له تسعا وعشرين ثم نزل فقالوا : يا رسول الله آليت شهرا فقال : الشهر تسع وعشرون .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قيل : لا وجه لإيراد هذا الحديث في هذا الباب لأن الإيلاء المعقود له الباب حرام يأثم به من علم بحاله ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم . انتهى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : يرد ما قاله ما رواه الترمذي ، حدثنا الحسن بن قزعة البصري ، حدثنا مسلم بن علقمة ، حدثنا داود ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله تعالى عنهما قالت : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرم فجعل الحرام حلالا وجعل في اليمين كفارة . انتهى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : فسر شيخنا زين الدين رحمه الله قوله : وحرم فجعل الحرام حلالا ليس قوله : فجعل بيانا للتحريم في قوله : وحرم ، ولو كان كذلك لقال : فجعل الحلال حراما وإنما هو بيان لما جعله الله فيمن حرم حلالا ، وعلى هذا فإما أن يكون فاعل حرم هو الله تعالى أو يكون فاعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه الذي بين الحكم عن الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : فيه نظر قوي لأن قوله : وحرم عطف على قوله : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكيف يكون فاعله هو الله تعالى لأن فيه انفكاك الضمير فلا يجوز بل ظاهر المعنى أنه صلى الله عليه وسلم حرم ثم جعل ذلك الحرام الذي كان في الأصل مباحا حلالا ، ولهذا قال : وجعل في اليمين كفارة لأن تحريم المباح يمين ، ففيه الكفارة ، والذي يقال هنا : إن المراد بالإيلاء المذكور في الآية الإيلاء الشرعي وهو الحلف على ترك قربان امرأته أربعة أشهر أو أكثر كما ذكرناه في أول الباب ، والإيلاء المذكور في حديث الباب الإيلاء اللغوي وهو الحلف ، فالمعنى [ ص: 277 ] اللغوي لا ينفك عن المعنى الشرعي ، فمن هذه الحيثية توجد المطابقة بين الترجمة والحديث ، وأدنى المطابقة كاف فافهم .

                                                                                                                                                                                  وإسماعيل بن أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس ، وأبو أويس اسمه عبد الله وأخوه عبد الحميد ، وسليمان هو ابن هلال .

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مر في الصوم عن عبد العزيز بن عبد الله ، وسيجيء في النذر عنه أيضا ، وفي النكاح عن خالد بن مخلد ومضى الكلام فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " مشربة " بفتح الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الراء وضمها وبالباء الموحدة وهي الغرفة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " الشهر " أي : ذلك الشهر المعهود تسع وعشرون يوما أراد أنه كان ناقصا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية