الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4944 171 - حدثني محمود ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال سليمان بن داود عليهما السلام : لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله . فقال له الملك : قل إن شاء الله ! فلم يقل ونسي ، فأطاف بهن ، ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان . قال النبي صلى الله عليه وسلم : لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان أرجى لحاجته .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 220 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 220 ] مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  ومحمود هو ابن غيلان ، ومعمر - بفتح الميمين - هو ابن راشد ، وابن طاوس هو عبد الله يروي عن أبيه طاوس .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب من طلب الولد للجهاد ، وأخرجه مسلم في الأيمان والنذور عن عبد بن حميد ، وأخرجه النسائي فيه عن عباس العنبري .

                                                                                                                                                                                  قوله ( لأطوفن الليلة بمائة امرأة ) ، وفي كتاب الجهاد " لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين " ، وقال ابن التين : وفي بعض الروايات " لأطوفن على سبعين " ، وفي بعضها " بألف " . قلت : ذكر أهل التاريخ أنه كانت له ألف امرأة ; ثلاثمائة حرائر وسبعمائة إماء ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : قال البخاري : الأصح تسعون ، ولا منافاة بين الروايات إذ التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال له الملك ) ; أي جبرائيل عليه السلام ، أو الملك من الكرام الكاتبين . قلت : يجوز أن يكون ملكا غيرهما أرسله الله .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فأطاف بهن ) ; أي ألم بهن وقاربهن .

                                                                                                                                                                                  قوله ( إلا امرأة نصف إنسان ) ، وهناك " جاءت بشق رجل ، والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون " ومضى الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله ( لم يحنث ) ; أي لم يتخلف مراده ، لأن الحنث لا يكون إلا عن يمين ، ويحتمل أن يكون سليمان حلف على ذلك ، وقيل : ينزل التأكيد المستفاد من قوله " لأطوفن " بمنزلة اليمين فليتأمل . وقال المهلب : " لم يحنث " لم يخب ولا عوقب بالحرمان حين لم يستثن مشيئة الله ولم يجعل الأمر له ، وليس في الحديث يمين فيحنث فيها ، وإنما أراد أنه لما جعل لنفسه القوة والفعل عاقبه الله تعالى بالحرمان فكان الحنث بمعنى التخييب .

                                                                                                                                                                                  وقد احتج بعض الفقهاء به على أن الاستثناء بعد السكوت عن النهي جائز بخلاف قول مالك ، واحتجوا بقوله " لو قال إن شاء الله لم يحنث " وليس كما توهموه ; لأن هذا لم يمكن يمينا وإنما كان قولا جعل الأمر لنفسه ، ولم يجب فيه كفارة فتسقط عنه بالاستثناء .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية