الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5015 65 - حدثنا إسماعيل ، حدثنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم ، فانتقلها عبد الرحمن ، فأرسلت عائشة أم المؤمنين إلى مروان وهو أمير المدينة : اتق الله وارددها إلى بيتها ، قال مروان في حديث سليمان : إن عبد الرحمن بن الحكم غلبني . وقال القاسم بن محمد : أوما بلغك شأن فاطمة بنت قيس ؟ قالت : لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة ، فقال مروان بن الحكم : إن كان بك شر فحسبك ما بين هذين من الشر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن فيها بعض شيء من قصة فاطمة بنت قيس .

                                                                                                                                                                                  وإسماعيل هو ابن أبي أويس ، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم ، وسليمان بن يسار ضد اليمين مولى ميمونة ، ويحيى بن سعيد بن العاص بن أمية وكان أبوه أمير المدينة لمعاوية ، ويحيى هو أخو عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق ، وبنت عبد الرحمن بن الحكم هي بنت أخي مروان الذي كان أمير المدينة أيضا لمعاوية حينئذ ، وولي الخلافة بعد ذلك واسمها عمرة .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أبو داود أيضا في الطلاق عن القعنبي عن مالك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أنه " أي : أن يحيى بن سعيد سمعهما أي : سمع القاسم بن محمد وسليمان بن يسار .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فانتقلها " أي : نقلها عبد الرحمن بن الحكم أبوها من مسكنها الذي طلقت فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فأرسلت عائشة " فيه حذف أي : سمعت عائشة بنقل عبد الرحمن بن الحكم بنته من مسكنها الذي طلقها فيه يحيى بن سعيد ، فأرسلت إلى مروان بن الحكم وهو يومئذ أمير بالمدينة تقول له عائشة : اتق الله وارددها أي : المطلقة المذكورة يعني : احكم عليها بالرجوع [ ص: 310 ] إلى بيتها يعني إلى مسكنها الذي طلقت فيه ، فأجاب مروان لعائشة في رواية سليمان بن يسار : إن عبد الرحمن بن الحكم غلبني ، يعني لم أقدر على منعه عن نقلها .

                                                                                                                                                                                  وقال القاسم في روايته : إن مروان قال لعائشة : ( أوما بلغك ) الخطاب لعائشة ( شأن فاطمة ) يعني قصة فاطمة بنت قيس وهي أنها لم تعتد في بيت زوجها بل انتقلت إلى غيره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قالت : لا يضرك " أي : قالت عائشة لمروان : لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة ، أرادت لا تحتج في تركك نقلها إلى بيت زوجها بحديث فاطمة بنت قيس لأن انتقالها من بيت زوجها كان لعلة ، وهي أن مكانها كان وحشا مخوفا عليه ، وقيل : فيه علة أخرى وهي أنها كانت لسنة استطالت على أحمائها .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فقال مروان " أي : في جواب عائشة مخاطبا لها : إن كان بك شر في فاطمة أو في مكانها علة لقولك لجواز انتقالها فحسبك أي : فكفاك في جواز انتقال هذه المطلقة أيضا ما بين هذين - أي : الزوجين - من الشر لو سكنت دار زوجها ، وقيل : الخطاب لبنت أخي مروان المطلقة أي : لو كان شر ملصقا بك فحسبك من الشر ما بين هذين الأمرين من الطلاق والانتقال إلى بيت الأب ، وقال ابن بطال : قول مروان لعائشة : إن كان بك شر فحسبك يدل أن فاطمة إنما أمرت بالتحويل إلى الموضع الآخر لشر كان بينها وبينهم .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : حاصل الكلام من هذا كله أن عائشة لم تعمل بحديث فاطمة بنت قيس ، وكانت تنكر ذلك ، وكذلك عمر كان ينكر ذلك ، وكذا أسامة وسعيد بن المسيب وآخرون ، وعمر رضي الله تعالى عنه أنكر ذلك بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فلم ينكر ذلك عليه منكر ، فدل تركهم الإنكار في ذلك عليه أن مذهبهم فيه كمذهبه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية