الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 206 ] وداين فلانا ، ولزم فيما ثبت [ ص: 207 ] وهل يقيد بما يعامل به ؟ تأويلان وله الرجوع قبل المعاملة ، بخلاف احلف وأنا ضامن به ، [ ص: 208 ] إن أمكن استيفاؤه من ضامنه

التالي السابق


( و ) يصح الضمان ممن قال لشخص ( داين فلانا ) أي عامله بدين بأن تقرضه أو تسلمه أو تبيعه بثمن مؤجل وأنا ضامنه فيما تعامله به ( و ) إن داينه ( لزم ) الضمان الضامن ( فيما ) أي دين أو الدين الذي ( ثبت ) تداينه من المقول له . ابن عرفة من تحمل لفلان بماله قبل فلان في لزوم غرمه ما أقر به فلان بإقراره أو وقفه على ثبوته ببينة نقلا اللخمي . قول ابن القاسم في الدمياطية والمدونة قال والأول أحسن . في البزاز وما العادة المداينة فيه بغير بينة ، وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قال أنا حميل بما بويع به فلان فلا يلزمه شيء مما بويع به إلا ببينة لا بإقراره ، وكذا من شكي إليه مطل رجل فقال ما عليه علي لم يلزمه ما أقر به المطلوب إنما يثبت ببينة . [ ص: 207 ] ابن رشد مثله قولها من قال لرجل بايع فلانا فما بايعته به من شيء فأنا ضامن ثمنه لزمه إذا ثبت ما بايعه به زاد غيره على وجه التفسير إنما يلزمه ما يشبه أن يداين بمثله المحمول عنه ، ولا خلاف عندي فيه ، ولا في مسألة الشكوى انظر تمامه في الحط هذا قول ابن القاسم في المدونة ، وقال غيره فيها إنما يلزمه ما جرت العادة به من مداينته أو معاملة هذا المثل .

هذا ( و ) اختلف شيوخها في جواب ( هل يقيد ) بضم التحتية الأولى وفتح الثانية مثقلة اللزوم فيما ثبت وصلة يقيد ( بما يعامل به ) مثل المضمون ، وهذا تأويل ابن يونس وابن رشد والمازري وهو الأظهر ، فقول الغير وفاق قاله ابن عبد السلام أو لا يقيد بذلك ، وهذا تأويل غير من تقدم من شارحيها فهو خلاف في الجواب ( تأويلان ) وأنكر ابن عرفة الثاني قال لا أذكر من حمله على الخلاف ، بل نص ابن رشد والصقلي على أنه وفاق . ا هـ . فعمدة المصنف في ذكر التأويلين كلام ابن عبد السلام فيما يظهر فإنه نقله عنه في التوضيح ، وفسر به الشارحان التأويلين فعلم أن جعله تقييدا هو المذهب والمعروف منه فالراجح الأول .

( وله ) أي من قال داين فلانا وأنا ضامنه ( الرجوع ) عن الضمان ( قبل ) حصول ( المعاملة ) بين المضمون له والمضمون لالتزامه الضمان فيما لا نهاية له قاله اللخمي ، وظاهره سواء أطلق أو قيد بقدر كمائة وهو كذلك على أحد قولين متساويين في التقييد بقدر والآخر لا رجوع له ، وقوله قبل المعاملة أي قبل تمامها ، فإن عامله يوما مثلا ثم رجع الضامن لزمه ما عامله به في اليوم لا ما عامله به فيما بعده قاله الجزيري ، وهذا ظاهر إذا حد لما يعامله به حدا كمائة أو لم يحد له حدا وقلنا يقيد بما يعامل به مثله ، وأما على القول الثاني فلا فائدة له قاله عب ، وفي قوله وأما على القول الثاني إلخ نظر ، إذ الفائدة ظاهرة عليه أيضا .

( بخلاف ) من قال لمدع بمال على منكره ( احلف ) على ما ادعيت به ( وأنا ضامن ) [ ص: 208 ] به فلا رجوع له ولو قبل حلفه لأنه أحل نفسه محل المدعى عليه ، وهو إذا قال للمدعي احلف وخذ فلا رجوع له . قال ابن يونس قال مالك رضي الله تعالى عنه فيمن قال لرجل احلف أن الذي تدعيه قبل أخي حق وأنا ضامن ثم رجع أنه لا ينفعه رجوعه ، ويلزمه ذلك إن حلف الطالب ، وإن مات كان ذلك في ماله فإن أقر المطلوب بما غرم الحميل غرم له ذلك ، وإن أنكره فللحميل تحليفه ، فإن نكل غرم وليس له تحليف الحميل إذ لا علم عنده ولا له أن يحلف الطالب لأنه قد حلف أولا ، وأشبهت يمينه يمين التهم التي بالنكول عنها يغرم . ا هـ . من أبي الحسن .

وأشار للمضمون فيه أيضا بجعله شرطا فقال ( إن أمكن استيفاؤه ) أي الحق المضمون ( من ضامنه ) وهذا يغني عنه قوله بدين ، إذ المقصود منه إخراج المعينات والحدود ونحوها كالتعازير والقتل والجرح فلا يصح الضمان فيها إذ لا يجوز استيفاؤها من الضامن ، وهذه خارجة بالشرط السابق ، وأيضا فالضمان لا يتعلق بما احترز عنه بهذا القيد حتى يحتاج لإخراجه به ، إذ هو شغل ذمة أخرى بالحق والمعينات لا تقبلها الذمم وكذا الحدود ونحوها لأنها تتعلق بالبدن لا بالذمة ، وهذا الإيراد الثاني وارد أيضا على قوله بدين ، إذ محترزه المتقدم لا يتعلق به الضمان ، ولعل الغرض من ذكره التوصل به إلى صفته وهو اللازم قاله " د "




الخدمات العلمية