الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا أسلمت الذمية ووالت رجلا ولها ولد صغير من رجل ذمي لم يكن ولاء ولدها لمولاها في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - وفي قياس قول أبي حنيفة : رحمه الله تعالى يكون ولاء ولدها لمولاها ، فمنهم من جعل هذه المسألة قياس ولاية التزويج ، أن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يثبت ذلك للأم على ولدها الصغير حتى يصح عقدها ولا يتعلق به صفة اللزوم حتى يثبت للولد خيار البلوغ ، فكذلك يصح هذا العقد منها في حق الولد ; لأنه لا يتعلق به صفة اللزوم بنفسه وعندهما ليس للأم ولاية التزويج مع اختلاف في الرواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى هناك ، وكذلك ولاء الموالاة ، والأظهر أن هذه مسألة على حدة . ووجه قولهما : أن حكم الولاء يثبت بعقد فيستدعي على الإيجاب والقبول ، ويتردد بين المنفعة والمضرة ، والولد بعد الانفصال لا يكون تبعا للأم في مثل هذا العقد ، ولا يكون لها عليه ولاية المباشرة لهذا العقد كعقد الكتابة . وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : ولاء الموالاة إما أن يعتبر بالإسلام من حيث إنه يترتب عليه عادة ، أو بولاء العتاقة فإن اعتبر بالإسلام فالولد الصغير يتبع أمه في الإسلام ، فكذا في هذا الولاء ، وإن اعتبر بولاء العتاقة فالولد يتبع أمه فيه إذا لم يكن له ولاء من جانب أبيه ; وهذا لأنه يتمحض منفعة في حق هذا الولد ; لأنه ما دام حيا فمولاه يقوم بنصرته ويعقل جنايته ، وإذا بلغ قبل أن يعقل جنايته كان له أن يتحول عنه إن شاء ، فعرفنا أنه منفعة محضة في حقه ، فيصح من الأم كقبول الهبة والصدقة بخلاف عقد الكتابة فإن فيه إلزام الدين في ذمته ، ولا يتمحض منفعة في حقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية