الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
حربي مستأمن اشترى عبدا مسلما فأدخله دار الحرب فهو حر عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقد بيناه في كتاب العتاق ولا يكون ولاؤه للذي أدخله في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ; لأنه إنما عتق بعد وصوله إلى دار الحرب وزوال العصمة عن ملك الحربي وثبوت الولاء باعتبار عصمة الملك ، فإذا لم يبق لملكه عصمة لا يثبت له ولاؤه ، وعند أبي يوسف ومحمد إن أعتقه الذي أدخله فولاؤه له ; لأن المسلم من أهل دار الإسلام ، وإن كان في دار الحرب فهو ملتزم لحكم الإسلام فيثبت الولاء له بالعتق ، ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول إنما عتق لملكه نفسه ; لأنه لما دخل في دار الحرب حل له قتل مولاه وأخذ ماله ، وهو قاهر لمولاه في حق نفسه فيعتق بملكه نفسه ، ولهذا لا يكون عليه ولاء ، وإذا أسلم عبد الحربي في دار الحرب لم يعتق بنفس الإسلام ; لأنه لم يكن محرزا نفسه بدار الإسلام قبل هذا وملكه نفسه بالإحراز بخلاف الأول على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنه كان محرزا نفسه بدار الإسلام ، ولم يبطل ذلك بإدخال الحربي إياه دار الحرب ، فإن باعه الحربي من مسلم أو حربي مثله ، فهو حر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ; لأن ملك الحربي زال عنه بالبيع ، وملك الحربي متى زال عن العبد المسلم في دار الحرب يزول إلى العتق كما لو خرج مراغما وعندهما [ ص: 117 ] لا يعتق ; لأن المشتري يخلف البائع في ملكه ، وهي مسألة السير فإن غنمه المسلمون عتق بالاتفاق ; لأن يده في نفسه أقرب من أيدي المسلمين إليه فيصير محرزا نفسه بمنعه الجيش .

التالي السابق


الخدمات العلمية