الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو حلف لا يأكل طعاما ، ينوي طعاما بعينه ، أو حلف لا يأكل لحما ، ينوي لحما بعينه ، فأكل غير ذلك لم يحنث ، إلا أنه إذا كانت يمينه بالطلاق يدين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء ; لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام ; لأنه ذكر الطعام منكرا في موضع النفي ، والنكرة في موضع النفي تعم ، وإن قال : لا آكل وعني طعاما دون طعام ، لم يدن في القضاء ، ولا فيما بينه وبين الله تعالى عندنا ، وعند الشافعي رحمه الله تعالى هذا والأول سواء ; لأن الأكل يقتضي مأكولا ، فكأنه صرح بذكر الطعام ، وهو بناء على أصله أن الثابت بمقتضى اللفظ كالملفوظ ، فأما عندنا لا عموم للمقتضى ، ونية التخصيص إنما تصح فيما له عموم دون ما لا عموم له ، فالأصل عندنا أنه متى ذكر الفعل ، ونوى التخصيص في المفعول ، أو الحال أو الصفة كانت نيته لغوا ; لأنه تخصيص ما لا لفظ له ، أما نية التخصيص في المفعول كما بينا ، ونية التخصيص في الحال بأن يقول : لا أكلم هذا الرجل ، وهو قائم بين يديه ، ونوى [ ص: 178 ] حال قيامه فنيته لغو ، بخلاف ما لو قال : هذا الرجل القائم ، وهو ينوي حال قيامه ، فإن نيته تعمل فيما بينه وبين الله تعالى وتخصيص الصفة أن يقول : لا أتزوج امرأة ، وهو ينوي كوفية أو بصرية ، فإن نيته لغو ، ولو نوى عربية أو حبشية عملت نيته فيما بينه وبين الله تعالى ; لأنه نوى التخصيص في الجنس ، وذلك في لفظه .

التالي السابق


الخدمات العلمية