الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن قال : والله لا أدخلها إلا عابر سبيل فدخلها ليقعد فيها ، أو يعود مريضا ، أو يطعم حنث ; لأنه عقد يمينه على الدخول ، واستثنى دخولا بصفة ، وهو أن يكون عابر سبيل أي مجتازا ومار طريق . قال الله تعالى { : ولا جنبا إلا عابري سبيل } . وقد وجد الدخول لا على الوجه المستثنى فيحنث ، وإن [ ص: 171 ] دخلها مجتازا ، ثم بدا له أن يقعد فيها لم يحنث ; لأن دخوله على الوجه المستثنى فلم يحنث به ، وبقي ما وراء ذلك مكث في الدار ، وذلك غير الدخول ، فلا يحنث به أيضا ، وإن نوى بكلامه أن لا يدخلها لا يريد النزول فيها صحت نيته ; لأنه عابر سبيل يكون مجتازا في موضع ، ولا يكون نازلا فيه ، فجعل هذا مستثنى دليل على أن مراده منع نفسه مما هو ضده ، وهو الدخول للنزول فإذا صحت نيته صار المنوي كالملفوظ ، وإذا دخلها يريد أن يطعم أو يقعد لحاجة ، ولا يريد المقام فيها لم يحنث ; لأن شرط حنثه دخول بصفة ، وهو أن يكون للسكنى والقرار ، ولم يوجد وإذا حلف لا يدخل دار فلان فجعلها بستانا أو مسجدا ، ودخلها لم يحنث قال : لأنها قد تغيرت عن حالها ، ولم يرد تغير الوصف ; لأن ذلك لا يرفع اليمين إذا لم يكن وصفا داعيا إلى اليمين ، وإنما أراد تغيير الاسم ; لأنه عقد اليمين باسم الدار ، والبستان والمسجد والحمام غير الدار فإذا لم يبق ذلك الاسم لا يبقى اليمين ، وكذلك لو كانت دارا صغيرة فجعلها بيتا واحدا ، وأشرع بابه إلى الطريق ، أو إلى دار فدخله لم يحنث ; لأنها قد تغيرت ، وصارت بيتا ، وهذا إشارة إلى ما قلنا : أن اسم البيت غير اسم الدار ، فمن ضرورة حدوث اسم البيت لهذه البقعة زوال اسم الدار

التالي السابق


الخدمات العلمية