الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو صام رجل ستة أيام عن يمينين أجزأه ، وإن لم ينو ثلاثة أيام لكل واحدة ; لأن الواجب عليه نية الكفارة دون نية التمييز ، فإن التمييز في الجنس الواحد غير مفيد ، وإنما يستحق شرعا ما يكون مفيدا ، والصوم في نفسه أنواع ، فلا يتعين نوع من الكفارات إلا بالنية ، فأما كفارات الأيمان نوع واحد ، فلا يعتبر نية التمييز فيما بينهما كقضاء رمضان ، فإن عليه أن ينوي القضاء ، وليس عليه نية تعيين يوم الخميس والجمعة ، ثم فرق أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى بين هذا وبين الإطعام والكسوة من حيث إن يكون هناك ، لو أعطى كل مسكين صاعا أو ثوبين عن يمينين لم يجز إلا عن واحدة ; لأن الأداء يكون دفعة واحدة ، وهنا الصوم ستة أيام عن يمينين ، لا يتصور دفعة واحدة ، بل ما لم يفرغ عن صوم ثلاثة أيام لا يتصور صوم ثلاثة أخرى ، فلهذا جاز كل ثلاثة عن كفارة ، ووزان هذا من الطعام والكسوة ما لو فرق فعل الدفع ، وإن كان عنده طعام إحدى [ ص: 157 ] الكفارتين ، فصام لإحداهما ، ثم أطعم للأخرى لم يجزه الصوم ; لأنه كفر بالصوم في حال وجود ما يكفر به من المال ، وعليه أن يعيد الصوم بعد التكفير بالإطعام ; لأنه لما كفر بالإطعام عن يمين فقد صار غير واجد في حق اليمين الأخرى ، وهو نظير محدثين في سفر ، وجدا من الماء مقدار ما يكفي لوضوء أحدهما ، فتيمم أحدهما أولا ، ثم توضأ الآخر به ، فعلى من تيمم إعادة التيمم بعد ما توضأ به الآخر لهذا المعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية