الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه السابع عشر: قولك: " يلزم أن يكون الباري ناقصا بذاته مستكملا بغيره". إنما يصح إذا كان الحيز والجهة غيرا له، وذلك إنما يصح لو كان الحيز والجهة أمرا منفصلا عنه. فأما إذا كان الحيز هو حده ونهايته، فالجهة كونه بحيث يشار إليه لم يكن هناك غيرا له عند الصفاتية الذين يقولون: ليست صفاته غيره. ومن سمى هذا غيرا كان قوله مستكملا بغيره كقوله مستكملا بعلمه وقدرته وحياته، وذلك مثل قوله: مستكملا بنفسه، وهذا ليس بممتنع، بل هو واجب فالكلام في كماله كالكلام في وجوده.

وقد تقدم الكلام في قول القائل: هو واجب بنفسه، وما يدخل في ذلك من صفاته، وأنه لا يكون موجودا إلا بما تستحقه ذاته من صفاته، بل لا يكون موجود قط إلا كذلك، ففرض عدم ذلك جحد لجميع الموجودات. وتكلمنا على لفظ الغير والحيز والافتقار ونحو ذلك، وكذلك القول في [ ص: 185 ] قول القائل: هو مستكمل بغيره إذا فسر ذلك الغير بما هو من صفاته اللازمة لم يكن ذلك ضارا بل أمر واجب، فإن الكمال لا يكون إلا بأمور وجودية، لا يكون بالأمور العدمية، وهو سبحانه كامل بتلك الأمور الوجودية التي حقيقته وذاته عليها.

التالي السابق


الخدمات العلمية