الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 242 ] فصل

قال الرازي: الفصل الخامس في حكاية الشبه العقلية في كونه تعالى مختصا بالحيز والجهة.

الشبهة الأولى لهم: أنهم قالوا: العالم موجود والباري موجود، وكل موجودين فلا بد أن يكون أحدهما محايثا للآخر، أو مباينا عنه بجهة من الجهات الست، ولما لم يكن الباري محايثا للعالم وجب كونه تعالى مباينا عن العالم بجهة من الجهات الست، وإذا ثبت ذلك وجب كونه تعالى مختصا بجهة فوق.

[ ص: 243 ] أما قولهم: إن كل موجودين فلا بد أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه بجهة، فلهم فيه طريقان:

الطريق الأولى: " ادعاء البديهة إلا أنه سبق الكلام على هذه الطريقة في أول الكتاب".

الطريق الثاني: أنهم يستدلون عليه وهو الطريق الذي اختاره ابن الهيصم في المناظرة التي حكاها عن نفسه مع ابن فورك- قال الرازي: " أنا أذكر محصل تلك الكلمات على [ ص: 244 ] الترتيب الصحيح من أحسن وجه يمكن تقرير تلك الشبهة به: " وهو أن يقال: لا شك أن كل موجودين في الشاهد فإن أحدهما لا بد وأن يكون محايثا للآخر أو مباينا عنه بالجهة، وكون كل موجودين في الشاهد كذلك إما أن يكون لخصوص كونه جوهرا، أو لخصوص كونه عرضا، أو لأمر مشترك بين الجوهر والعرض، وذلك المشترك إما الحدوث وإما الوجود، والكل باطل سوى الوجود، فوجب أن تكون العلة لذلك الحكم هو الوجود، والباري تعالى موجود فوجب الجزم بأنه تعالى إما أن يكون محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة".

التالي السابق


الخدمات العلمية