الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( لا تثبت في منقول ) ابتداء كحيوان وثياب وإن بيع مع الأرض للخبر المار ولأنه لا يدوم بخلاف العقار فيتأبد فيه ضرر المشاركة ، وخرج بابتداء تهدم الدار بعد ثبوت الشفعة فيؤخذ نقضها بها ( بل ) إنما تثبت ( في أرض وما فيها من بناء ) وتوابعه الداخلة في مطلق البيع كأبواب منصوبة ورفوف مسمرة ومفتاح غلق مثبت وكل منفصل توقف عليه نفع متصل ( وشجر ) [ ص: 196 ] رطب وأصل يجز مرة بعد أخرى كقت وهندبا ( تبعا ) للأرض للخبر المار ; وخرج به بيع بناء وشجر في أرض محتكرة إذ هو كالمنقول ، وشرط التبعية أن يباعا مع ما حولهما من الأرض ، فلو باع شقصا من جدار وأسه لا غير أو من أشجار ومغارسها لا غير فلا شفعة لأن الأرض تابعة هنا .

                                                                                                                            قال السبكي : وينبغي أن تكون صورة المسألة حيث صرح بدخول الأساس والمغرس في البيع ، وكانا مرئيين قبل ذلك فإنه إذا لم يرهما وصرح بدخولهما لم يصح البيع في الأصح .

                                                                                                                            وفرق بينه وبين ما مر في " بعتك الجدار وأساسه " بأنه ثم يدخل مع السكوت عنه ، بخلافه هنا فإنه عين منفصلة لا تدخل في البيع عند الإطلاق فاشترطت رؤيتها ، وبحث أيضا أنه لو كان الجدار عريضا بحيث كانت أرضه هي المقصودة ثبتت الشفعة ; لأن الأرض هي المتبوعة حينئذ ، وهو مرادهم بلا شك ، واحترز بقوله : تبعا عما لو باع أرضا ، وفيها شجرة جافة شرطا دخولها في البيع فلا تؤخذ بالشفعة لأنها لم تدخل في البيع عند الإطلاق بل بالشرط ( وكذا ثمر لم يؤبر ) عند البيع ( في الأصح ) وإن تأبر عند الأخذ [ ص: 197 ] سواء أكان عند البيع أم حدث بعده خلافا لابن الرفعة لتبعية الأصل في البيع فكذا في الأخذ هنا ، ولا نظر لطرو تأبره لتقدم حقه وزيادته كزيادة الشجر ، بل قال الماوردي : يأخذه وإن قطع .

                                                                                                                            والثاني : لا لأنه لا يراد به التأبيد . إما مؤبر عند البيع شرط دخوله فلا يؤخذ ، وإنما تؤخذ بحصتها من الثمن لانتفاء التبعية كما مر نظيره

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فيتأبد فيه ضرر المشاركة ) قد يقال : الذي اعتبره فيما سبق ضرر مؤنة القسمة وهو لا يتكرر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : ويمكن الجواب بأنه لم يقتصر ثم على ضرر القسمة بل ذكر التعليلين معا ، فقوله هنا للخبر ناظر للتعليل الأول ، وقوله ولأنه لا يدوم ناظر للتعليل الثاني ( قوله فيؤخذ نقضها ) وإن نقل ، وفي حج خلافه وفيه وقفة ، وقضية إطلاق الشارح ما ذكرته ، ويؤيده ما يأتي للشارح من أخذ الثمرة وإن قطعت [ ص: 196 ] قوله : وأصل يجز ) أي ما يثبت منه ( قوله : وهندبا ) بكسر الدال ويقصر ا هـ مختار ( قوله : تبعا للأرض ) أي تثبت في بناء وشجر دخل في البيع تبعا ، وليس المراد أنها تثبت في الشجر تبعا لثبوتها في الأرض .

                                                                                                                            والمراد بالتبعية أنها تدخل عند الإطلاق تبعا ، وإن نص عليها ( قوله : في أرض محتكرة ) وصورتها على ما جرت به العادة الآن أن يؤذن في البناء في أرض موقوفة أو مملوكة بأجرة مقدرة في كل سنة في مقابلة الأرض من غير تقدير مدة فهي كالخراج المضروب على الأرض كل سنة بكذا واغتفر ذلك للضرورة ( قوله : لأن الأرض تابعة هنا ) أي من حيث القصد للمشتري ، لا أن المراد أنه باع الجدار ودخلت الأرض تبعا لما يأتي عن السبكي ( قوله : حيث صرح بدخول الأساس ) أي ما غاب منه في الأرض على ما يتبادر من عبارته ، لكن المفهوم مما يأتي في الشارح عن السبكي أن المراد حفيرته ( قوله : لم يصح البيع في الأصح ) عبارة السبكي في شرح المنهاج بعد هذا : فإن قلت : كلامهم في البيع يقتضي أنه إذا قال : بعتك الجدار وأساسه صح وإن لم ير الأساس .

                                                                                                                            قلت : المراد بذلك الأساس الذي هو بعضه كحشو الجبة .

                                                                                                                            أما الأساس الذي هو مكان البناء فهو عين منفصلة لا تدخل في البيع عند الإطلاق في الأصح ، فإذا صرح به اشترط فيه شروط البيع ، والحمل متردد بين المرتبتين يشبه الجزء ويشبه المنفصل ، فلذلك جرى الخلاف في صحة البيع إذا قال : بعتك الجارية وحملها ا هـ .

                                                                                                                            وتبعه في القوت على ذلك وبه تعلم ما في اختصار الشارح له من الإجمال والإيهام ا هـ سم على حج ، ويؤخذ من كلام الشارح في الفرق الآتي ما هو المقصود من أنه إذا باع الجدار وأسه وأراد به الأرض لم يصح البيع ، أو ما هو مستور بالأرض صح لأنه الذي يدخل في اسم الجدار عند الإطلاق ( قوله : لأنها لم تدخل ) قضيته ثبوتها في الشجر الرطب وإن نص على دخوله لأنه لو سكت عنه دخل عند الإطلاق ( قوله بل بالشرط ) وحيث شرط دخولها وأراد الشفيع الأخذ قومت الأرض مع الشجر ثم بدونها وقسم الثمن على ما يخص كلا منهما كما لو باع شقصا مشفوعا وسيفا ( قوله : لم يؤبر عند البيع ) أي وإن شرط دخوله لأنه تصريح بمقتضى العقد فلا يخرجه عن التبعية ، هذا ما اقتضاه إطلاق الشارح وهو ظاهر ، لكن قضية قول حج الآتي أو ما شرط دخوله خلافه فليراجع ، ثم رأيت في سم على حج مثل ما استظهرته ، وعبارته قوله : ولم يشترط دخوله فيه أن هذا القيد يقتضي أن غير المؤبر إذا شرط دخوله لا يؤخذ ، وكذا يقتضي ذلك قوله الآتي أما مؤبر عند [ ص: 197 ] البيع أو ما شرط دخوله فيه إلخ ، ولا يخفى إشكال ذلك فليراجع ، فإن عبارة الروض وأصله لا تفيد ذلك بل تشعر بخلافه والظاهر أنه ممنوع ، وعبارة الروض : ولا يأخذ الداخلة بالشرط فتخرج الثمرة المؤبرة المشروطة ا هـ .

                                                                                                                            فاقتصاره على الثمرة المؤبرة مشعر بأن غيرها يؤخذ ، وإن شرط دخوله ( قوله : سواء أكان عند البيع إلخ ) قضيته أن الثمرة الحادثة بعد العقد تتبع في الأخذ بالشفعة ، وإن كانت مؤبرة وقت الأخذ ، ولكن في حاشية سم على منهج ما يفيد أنها لا تتبع فيما ذكر ، وعبارة شيخنا الزيادي : ولو حدث الثمر بعد البيع ولم يؤبر عند الأخذ أخذ بالشفعة تبعا وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                            وعليه فيقيد قول الشارح بما لم يؤبر وقت الأخذ ( قوله : فكذا في الأخذ هنا ) أي ثم إن وجده باقيا أخذه أو تالفا أخذ مثله ( قوله : قال الماوردي ) هذا هو المعتمد ( قوله : شرط دخوله ) عبارة حج : أو ما شرط إلخ ( قوله : وإنما تؤخذ ) أي الأرض والثمرة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 196 ] ( قوله : فإنه إذا لم يرهما وصرح بدخولهما لم يصح البيع في الأصح ) أي : وإن لم يصرح بدخولهما لم يدخلا كما صرح به الأذرعي . ( قوله : بخلافه هنا فإنه عين منفصلة ) يعلم منه أن المراد بالأساس هناك بعض الجدار ، بخلاف ما هنا فإن [ ص: 197 ] المراد به الأرض الحاملة للجدار وصرح الأذرعي هنا ( قوله : وإنما تؤخذ ) يعني الأرض مثلا




                                                                                                                            الخدمات العلمية