الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن أخذ لقطة للحفظ أبدا ) وهو أهل للالتقاط لذلك كما أفاده الزركشي أي بأن كان ثقة ( فهي ) كدرها ونسلها ( أمانة بيده ) لأنه يحفظها لمالكها فأشبه المودع ومن ثم ضمنها لو قصر كأن ترك تعريفها على ما يأتي ومحله كما بحثه الأذرعي ، وسيأتي عن النكت وغيرها ما يصرح به حيث لم يكن له عذر معتبر في تركه : أي كأن خشي من ظالم أخذها أو جهل وجوبه وعذر فيما يظهر ( فإن دفعها إلى القاضي لزمه القبول ) حفظا لها على صاحبها لأنه ينقلها إلى أمانة أقوى ، وإنما لم يلزمه قبول الوديعة عند انتفاء الضرر لإمكان ردها لمالكها مع التزامه الحفظ ، وكذا لو أخذها للتملك ثم تركه وردها يلزمه القبول ومعلوم عدم جواز دفعها لقاض غير أمين وأنه لا يلزمه القبول وأن الدافع له يضمنها كما صرح به القفال ( ولم يوجب الأكثرون التعريف ) [ ص: 438 ] في غير لقطة الحرم ( والحالة هذه ) أي كونه أخذها للحفظ لأن الشرع إما أوجبه لأجل أن له التملك بعده ، وقال الأقلون يجب : أي حيث لم يخف أخذ ظالم لها كما يعلم مما يأتي لئلا يفوت حق المالك بكتمها ، ورجحه الإمام والغزالي وقواه ، واختاره في الروضة وصححه في شرح مسلم ، وهو المعتمد كما قاله الأذرعي لأن المالك قد لا يمكنه إنشادها لنحو سفر أو مرض ، ويمكن الملتقط التخلص عن الوجوب بالدفع للقاضي الأمين فيضمن بترك التعريف ولا يرتفع به ضمانها لو بدا له بعد ، قال : ولا يلزمه مؤنة التعريف في ماله على القولين وإن نقل الغزالي أن المؤنة تابعة للوجوب ، ولو بدا له قصد التملك أو الاختصاص عرفها سنة من حينئذ ولا يعتد بما عرفه قبله .

                                                                                                                            أما إذا أخذها للتملك أو الاختصاص فيلزمه التعريف جزما ( فلو قصد بعد ذلك ) أي أخذها للحفظ وكذا بعد أخذها للتملك ( خيانة لم يكن ضامنا ) بمجرد القصد ( في الأصح ) فإن انضم لذلك القصد استعمال أو نقل من محل لآخر ضمن كالمودع فيهما .

                                                                                                                            والثاني يصير ضامنا بذلك ، وإذا ضمن في الأثناء بخيانة ثم أقلع وأراد أن يعرف ويتملك جاز وخرج بالأثناء ما في قوله ( وإن أخذ بقصد خيانة فضامن ) لقصده المقارن لأخذه ويبرأ بالدفع لحاكم أمين ( وليس له بعد أن يعرف ويتملك ) أو يختص بعد التعريف ( على المذهب ) نظرا للابتداء كالغاصب ، وفي وجه من الطريق الثاني له ذلك نظرا لوجود صورة الالتقاط ( وإن أخذ ليعرف ويتملك ) بعد التعريف ( فأمانة ) بيده ( مدة التعريف وكذا بعدها ما لم يختر التملك في الأصح ) كما قبل مدة التعريف .

                                                                                                                            والثاني وبه قال الإمام والغزالي تصير مضمونة عليه إذا كان عزم التملك مطردا كالمستام ، وفرق الأول بأن المستام مأخوذ لحظ آخذه حال الأخذ بخلاف اللقطة ، ولو أخذه لا بقصد حفظ ولا تملك أو لا بقصد خيانة ولا أمانة أو بقصد أحدهما ونسيه فأمانة وله تملكها بشرطه اتفاقا ، ومعلوم أنه يكون في الاختصاص أمينا ما لم يتلف بنفسه أو بغيره ، فإن تلف فلا ضمان أخذا مما مر في الغصب ( و ) عقب الأخذ كما قاله المتولي وغيره ( يعرف ) بفتح أوله ندبا كما [ ص: 439 ] قاله الأذرعي وغيره خلافا لابن الرفعة محل التقاطها و ( جنسها وصفتها ) الشامل لنوعها ( وقدرها ) بعد أو وزن أو كيل أو ذرع ( وعفاصها ) أي وعاءها توسعا إذ أصله جلد يلبس رأس القارورة ، كذا قاله بعضهم تبعا للخطابي ، لكن عبارة القاموس مصرحة بكونه مشتركا بين الوعاء الذي فيه النفقة جلدا أو خرقة وغلاف القارورة والجلد الذي يغطى رأسها به ( ووكاءها ) بكسر أوله وبالمد : أي خيطها المشدود به لأمره صلى الله عليه وسلم بمعرفة هذين وقيس بهما غيرهما لئلا تختلط بغيرها وليعرف صدق واصفها ، ويستحب تقييدها بالكتابة كما مر خوف النسيان ، أما عند تملكها فالأوجه وجوب معرفة ذلك ليعلم ما يرده لمالكها لو ظهر ( ثم ) بعد معرفته ذلك ( يعرفها ) بضم أوله وجوبا وإن لم يقصد تملكها كما مر بنفسه أو نائبه من غير أن يسلمها له ، ويكون المعرف عاقلا غير مشهور بالخلاعة والمجون ، وإن لم يكن عدلا كما قاله ابن الرفعة إن وثق بقوله ولو محجورا عليه بالسفه كما علم مما مر ، وأفهم قولهم ثم عدم وجوب فورية التعريف وهو ما صححاه ، لكن ذهب القاضي أبو الطيب إلى وجوب الفورية واعتمده الغزالي .

                                                                                                                            قيل : ومقتضى كلام الشيخين جواز التعريف بعد زمن طويل كعشرين سنة وهو في غاية البعد ، والظاهر أن مراده بذلك عدم الفورية المتصلة بالالتقاط انتهى .

                                                                                                                            والأوجه ما توسطه الأذرعي وهو عدم جواز تأخيره عن زمن تطلب فيه عادة ويختلف بقلتها وكثرتها ، ووافقه البلقيني فقال : يجوز التأخير ما لم يغلب على ظنه فوات معرفة المالك به ولم يتعرضوا له انتهى .

                                                                                                                            وقد تعرض له في النهاية بما يفيد ذلك ، وفي نكت المصنف كالجيلي أنه لو غلب على ظنه أخذ ظالم لها حرم التعريف وكانت أمانة بيده أبدا : أي فلا يتملكها بعد السنة كما أفتى به الغزالي ، وهو أوجه مما أفتى به ابن الصباغ أنه لو خشي من التعريف استئصال ماله عذر في تركه وله تملكها بعد السنة ( في الأسواق ) عند قيامها ( وأبواب المساجد ) عند خروج الناس منها لأنه أقرب إلى وجدانها ، [ ص: 440 ] ويكره تنزيها كما في المجموع لا تحريما خلافا لجمع مع رفع الصوت بمسجد كإنشادها فيه إلا المسجد الحرام كما قاله الماوردي والشاشي لأنه لا يمكن تملك لقطة الحرم ، فالتعريف فيه محض عبادة ، بخلاف غيره فإن المعرف فيه متهم بقصد التملك ، وبه يرد على من ألحق به مسجد المدينة والأقصى وعلى تنظير الأذرعي في تعميم ذلك لغير أيام الموسم ( ونحوها ) من المحافل والمجامع ومحال الرجال وليكن أكثره بمحل وجودها ولا يجوز له المسافرة بها بل يدفعها لمن يعرفها بإذن الحاكم وإلا ضمن .

                                                                                                                            نعم لمن وجدها بالصحراء تعريفها لمقصده قرب أم بعد استمر أم تغير ، وقيل : يتعين أقرب البلاد لمحلها واختير وإن جازت به قافلة تبعها وعرفها ، ولو وجد ببيته درهما مثلا وجوز كونه لمن يدخله عرفه لهم للمقر ، قاله القفال .

                                                                                                                            ويجب في غير الحقير الذي لا يفسد بالتأخير أن يعرف ( سنة ) من وقت التعريف تحديدا للخبر الصحيح فيه لأن السنة لا تتأخر فيها القوافل غالبا كالذمي فيها الفصول الأربعة ، ولأنه لو لم يعرف سنة لضاعت الأموال على أربابها ، ولو جعل التعريف أبدا لامتنع من التقاطها فكانت السنة مصلحة للفريقين ، ولو التقط اثنان لقطة عرفها كل واحد نصف سنة لأن قسمتها إنما تكون عند التملك لا قبله كما قال السبكي إنه الأشبه ، وإن قال ابن الرفعة يعرفها كل سنة لأنه في النصف كلقطة كاملة ، وقد يجب التعريف على كل واحد سنتين بأن يعرف سنة قاصدا حفظها بناء على أن التعريف حينئذ واجب ثم يريد التملك فيلزمه من حينئذ سنة أخرى ، ولا يشترط استيعاب السنة بل يكون ( على العادة ) زمنا ومحلا وقدرا ( يعرف أولا كل يوم مرتين طرفي النهار ) أسبوعا ( ثم كل يوم مرة ) طرفه إلى أن يتم أسبوعا آخر ( ثم كل أسبوع ) مرة أو مرتين : أي إلى أن يتم سبعة أسابيع أخذا مما قبله ( ثم ) في كل ( شهر ) مرة بحيث لا ينسى أن الأخير تكرار للأول وزيد في الأزمنة الأول ; لأن تطلب المالك فيها أكثر وتحديد المرتين وما بعدهما بما ذكر أوجه من قول بعض الشراح ، مرادهم أنه في ثلاثة أشهر يعرف كل يوم مرتين وفي مثلها كل يوم مرة وفي مثلها كل أسبوع مرة وفي مثلها كل شهر مرة ،

                                                                                                                            والأقرب أن هذا التحديد كله للاستحباب لا الوجوب كما يفهمه ما يأتي أنه تكفي سنة مفرقة على أي وجه كان التفريق بقيده الآتي ( ولا تكفي سنة متفرقة ) كأن يعرف اثني عشر شهرا من اثني عشر عاما ( في الأصح ) لأن المفهوم من السنة في الخبر التوالي ، وكما لو حلف لا يكلم زيدا سنة ( قلت : الأصح يكفي ، والله أعلم ) لإطلاق الخبر ، وكما لو نذر صوم سنة ، ويفرق بين هذا والحلف بأن القصد به الامتناع والزجر ولا يتم ذلك بدون التوالي ، ومحل هذا كما بحثه الأذرعي أن لا يفحش التأخير بحيث ينسى التعريف الأول وإلا وجب الاستئناف واعتبر الإمام وجوب بيان محل وجدانها في التعريف كما مر ، ولو مات الملتقط أثناء التعريف بنى وارثه كما قاله الزركشي والعراقي [ ص: 441 ] رادا قول شيخه إن الأقرب الاستئناف ، كما لا يبني على حول مورثه في الزكاة بحصول المقصود هنا لا ثم لانقطاع حول استرقه بخروج الملك عنه بموته فيستأنف الوارث الحول لابتداء ملكه ( ويذكر ) ندبا ( بعض أوصافها ) في التعريف جنسها أو عفاصها أو وكائها ، ويحرم عليه استيعابها كما صرح به الأذرعي لئلا يعتمدها كاذب ، فإن فعل ضمن كما صححه في الروضة لاحتمال رفعه إلى حاكم يلزم الدفع بالصفات ويفارق جواز استيفائها في الإشهاد بحصر الشهود وعدم تهمتهم ( ولا يلزم مؤنة التعريف إن أخذ لحفظ ) أو لا لحفظ ولا لتملك أو اختصاص لأن المصلحة للمالك ( بل يرتبها القاضي من بيت المال ) قرضا كما قاله ابن الرفعة ، لكن مقتضى كلامهما أنه تبرع ، واعتمده الأذرعي ويدل عليه قوله ( أو يقترض ) من الملتقط أو غيره ( على المالك ) أو يأمر الملتقط به ليرجع على المالك أو يبيع جزءا منها إن رآه نظير ما مر في هرب الجمال فيجتهد ، ويلزمه فعل الأحظ للمالك من هذه الأربعة فإن أنفق على وجه غير ما ذكر فمتبرع ، وسواء في ذلك أوجبنا التعريف أم لا على ما اعتمده السبكي والعراقي ونقله عن جمع ، لكن الذي في الروضة كأصلها إن أوجبناه فعليه المؤنة وإلا فلا

                                                                                                                            ( وإن أخذها ) غير محجور عليه ( للتملك ) أو الاختصاص ابتداء أو في الأثناء ولو بعد لقطه لحفظ ( لزمه ) مؤنة التعريف وإن لم يتملك بعد ذلك لأن الحفظ له في ظنه وقت التعريف ( وقيل إن لم يتملك فعلى المالك ) لعود الفائدة له ، وعبر عن حكاية هذا في الروضة بقوله وقيل : إن ظهر المالك فعليه وهو الأولى ليشمل ظهوره بعد التملك ، أما المحجور عليه فلا يخرج وليه مؤنته من ماله وإن رأى التملك يسترقيه له بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليبيع جزءا منها لمؤنته وإن نازع الأذرعي فيه ( والأصح أن الحقير ) قيل هو دينار وقيل درهم وقيل وزنه وقيل دون نصاب السرقة والأصح عندهما عدم تقريره بل ما يظن أن صاحبه لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه له غالبا ( لا يعرف سنة ) لأن فاقده لا يتأسف عليه سنة .

                                                                                                                            والثاني يعرف سنة لعموم الأخبار ، وأطال جمع في ترجيحه بأن الذي عليه الأكثرون وهو الموافق لقولهما بتعريف الاختصاص سنة ثم يختص به ، ودفع بأن الكلام كما هو واضح في اختصاص عظيم المنفعة يكثر أسف فاقده عليه سنة غالبا ( بل ) الأصح أنه لا يلزمه أن يعرفه إلا ( زمنا يظن أن فاقده يعرض عنه ) بعده ( غالبا ) ويختلف باختلافه فدانق الفضة حالا والذهب نحو ثلاثة أيام ، وبما قررنا به كلامه الدال عليه السياق اندفع ما قيل الأولى أن يقول لا يعرض عنه أو إلى زمن يظن أن فاقده يعرض عنه فيجعل ذلك الزمن غاية لترك التعريف لا ظرفا [ ص: 442 ] للتعريف ، ولهذا أشار الشارح لرده بقوله بعد ذلك الزمن ومحل ما تقرر في المتمول ، أما غيره كحبة زبيب فإنه يستبد واجده به ولو في حرم مكة كما هو ظاهر ، فقد سمع عمر رضي الله عنه من ينشد في الطواف زبيبة : فقال : إن من الورع ما يمقته الله ، ورأى { تمرة في الطريق فقال لولا أخشى أن تكون صدقة لأكلتها } ولا يشكل ذلك بكون الإمام يلزمه أخذ المال الضائع لحفظه لأن ذلك يقتضي إعراض مالكها عنها وخروجها عن ملكه فهي الآن مباحة فتركها لمن يريد تملكها مشيرا به إلى ذلك ، ويجوز أخذ سنابل الحصادين التي اعتيد الإعراض عنها ، وقول الزركشي : ينبغي تخصيصه بما لا زكاة فيه أو لمن يحل له كالفقير مردود بأن الأوجه اغتفار ذلك كما جرى عليه السلف والخلف ، وما بحثه بعضهم من تقييده بما ليس فيه حق لمن لا يعبر عن نفسه اعترضه البلقيني بأن ذلك إنما يظهر في نحو الكسر مما قد يقصد وسبقت اليد إليه بخلاف السنابل ، وألحق بها أخذ ماء مملوك آبقا به عادة كما مر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومحله كما بحثه الأذرعي إلخ ) قضية فرض ما ذكر فيمن أخذ للحفظ أنه لو أخذ لا لذلك لم يعذر في ترك التعريف ولا في اعتقاد حملها له من غير تعريف ، بل ينبغي كفر من استحل ذلك حيث كان للقطة وقع ، فإن وجوب تعريفها مما لا يخفى فلا يعذر من اعتقد جوازه ، فما يقع لكثير من العامة من أن من وجد شيئا جاز له أخذه مطلقا لا يعذر فيه ، ولا عبرة باعتقاده ذلك لتقصيره بعدم السؤال عن مثله .

                                                                                                                            ( قوله : فإن دفعها ) أي القاضي ( قوله : مع التزامه ) أي الوديع .

                                                                                                                            ( قوله : وأنه لا يلزمه ) أي بل قياس ما تقدم حرمته حيث علم من نفسه الخيانة فيها .

                                                                                                                            ( قوله : وأن الدافع له يضمنها ) أي يكون طريقا في الضمان والقرار على من تلفت تحت يده منهما .

                                                                                                                            ( قوله : ولم يوجب الأكثرون ) ضعيف [ ص: 438 ]

                                                                                                                            ( قوله : ولا يلزمه مؤنة التعريف ) أي بل تكون في بيت المال كما يأتي في كلام المصنف ( قوله عرفها سنة من حينئذ ) أي وعليه مؤنة التعريف من الآن ، ثم إن كان اقترض على مالكها مؤنة تعريف ما مضى فهل يرجع بذلك عليه لأنه إنما اقترض لغرض المالك أو لا لرجوعها إليه آخرا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأنهم لم يعتدوا بتعريفه السابق ولم يرتبوا الحكم عليه مع قصد التملك بل أوجبوا استئناف التعريف فابتداء أخذه للتملك كأنه من الآن أو لا نظر إلى ما قبله .

                                                                                                                            ( قوله : وأراد أن يعرف ) قال سم على حج : فلو وقعت الخيانة في أثناء التعريف ثم أقلع فهل يبنى أو يستأنف ا هـ ؟ أقول : والأقرب الأول لأن قصد الخيانة لم يبطل أصل اللقطة فلا يبطل حكم ما بني عليها .

                                                                                                                            ( قوله : مطردا ) أي مستمرا ( قوله : يكون في الاختصاص أمينا ) وتظهر فائدة ذلك فيما لو كان كلبا في جواز الانتفاع به وعدمه وفي جواز التقصير في حفظه وعدمه فقبل اختصاصه به لا يجوز به الانتفاع ولا التقصير في حفظه ويجوزان بعد الاختصاص .

                                                                                                                            [ ص: 439 ] فرع ] وقع السؤال في الدرس عما يوجد من الأمتعة والمصاغ في عش الحدأة والغراب ونحوهما ما حكمه ؟ والجواب الظاهر أنه لقطة فيعرفه واجده سواء كان مالك النخل ونحوه أو غيره ، ويحتمل أنه كالذي ألقت الريح في داره أو حجره ، وتقدم أول الباب أنه ليس بلقطة ، ولعله الأقرب فيكون من الأموال الضائعة أمره لبيت المال .

                                                                                                                            ( قوله : الذي يغطي رأسها ) أي فإطلاق العفاص على الوعاء حقيقة .

                                                                                                                            ( قوله : من غير أن يسلمها له ) أي وإن كان أمينا لأن الملتقط كالوديع وهو لا يجوز له تسليم الوديعة لغيره إلا عند الضرورة كما هو ظاهر .

                                                                                                                            ( قوله : بالخلاعة والمجون ) عطف تفسير ، وفي المختار : المجون أن لا يبالي الإنسان بما صنع .

                                                                                                                            ( قوله : والأوجه ما توسط الأذرعي ) معتمد .

                                                                                                                            ( قوله : بما يفيده ذلك ) وعليه فقول الأذرعي لم يتعرضوا له أي صريحا .

                                                                                                                            ( قوله : وكانت أمانة ) ظاهره ولو كان حيوانا وانظر ماذا يفعل في مؤنته هل تكون عليه أم لا ؟ فيه نظر ، وينبغي أن يقال هو في هذه الحالة كالمال الضائع فيأتي فيه ما قيل في المال الضائع من أن أمره لبيت المال فيدفعه له ليحفظه إن رجا معرفة صاحبه ، ويصرف مصرف أموال بيت المال إن لم يرج ، وهذا إن كان ناظر بيت المال أمينا وإلا دفعه لثقة يصرفه مصارف أموال بيت المال إن لم يعرف الملتقط مصارفه وإلا صرفه بنفسه .

                                                                                                                            ( قوله : فلا يتملكها بعد السنة ) أي ولو أيس من مالكها [ ص: 440 ] كما هو ظاهر هذه العبارة ، وقوله ويكره تنزيها : أي التعريف .

                                                                                                                            ( قوله : لقطة الحرم ) قضيته أنه لو التقطها قبل وصوله الحرم وأراد تعريفها فيه كان ذلك مكروها وفيه نظر ، بل مقتضى إطلاقهم خلافه فليراجع .

                                                                                                                            ( قوله : محض عبادة ) أي في أيام الموسم وغيرها ( قوله : بإذن الحاكم ) أي في الدفع .

                                                                                                                            ( قوله : بمقصده ) أي بلده ، وقوله قرب أم بعد معتمد .

                                                                                                                            ( قوله : وكما لو حلف لا يكلم زيدا سنة ) أي فإنه لا يبر بترك تكليمه سنة متفرقة بل لا بد لعدم الحنث من ترك تكليمه سنة كاملة .

                                                                                                                            ( قوله : بيان محل وجدانها ) عبارة شرح الروض زمان بدل محل : أي بأن يقول في تعريفه من ضاعت له لقطة بمحل كذا .

                                                                                                                            ( قوله : كما مر ) أي في قوله وليكن أكثره بمحل وجودها ، وقوله رادا قول شيخه : [ ص: 441 ] البلقيني ا هـ حج ( قوله : لأن المصلحة للمالك ) فيه نظر بالنسبة لقوله أو لا لحفظ إلخ فإن له فيها التملك بعد مضي مدة التعريف على ما يفيده قوله قبل وله تملكها بشرطه اتفاقا ، لكن مقتضى قوله في أول الفصل الآتي بعد قصده تملكها أنه لا يعتد بتعريفه قبل ذلك ، وعليه فيقرب شبهها بمن التقط للحفظ ( قوله : لكن مقتضى كلامهما إلخ ) معتمد سم عن م ر .

                                                                                                                            ( قوله : على المالك ) أي فلو لم يظهر المالك كانت من الأموال الضائعة فيبيعها وكيل بيت المال وله الرجوع على بيت المال بما أخذ منه .

                                                                                                                            ( قوله : فمتبرع ) أي إن أنفق من ماله وإلا فيضمن بدل ما أنفقه من بيت المال له .

                                                                                                                            ( قوله : بل ما يظن أن صاحبه إلخ ) أي باعتبار الغالب من أحوال الناس فلا يرد أن صاحبه قد يكون شديد البخل فيدوم أسفه على التافه ( قوله وبما قررنا ) أي من قوله لا يلزمه أن يعرفه إلخ [ ص: 442 ]

                                                                                                                            ( قوله : فإنه يستبد واجده ) هل يملك بمجرد الأخذ أو يتوقف الملك على قصد التملك أو على لفظ أو لا يملكه لعدم تموله وينبغي أن لا يحتاج إلى تملك لأنه مما يعرض عنه وما يعرض عنه أطلقوا أنه يملك بالأخذ ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            ( قوله : اغتفار ذلك ) أي اغتفار أخذه وإن تعلقت به الزكاة ( قوله : بخلاف السنابل ) أي فإنها ليست مقصودة بل أربابها يعرضون عنها ويقصدها غيرهم بالأخذ ، وقضية ذلك أنه لا يجب على الولي جمعها للمولى عليه وإن أمكن وكان لها وقع وفيه نظر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : وقد يقال إن كان لها وقع وسهل جمعها بحيث لو استؤجر من يجمعها كان للباقي بعد الأجرة وقع وجب وإلا فلا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ومحله كما بحثه الأذرعي ) هذا وإن كان مفروضا فيما إذا أخذ للحفظ إلا أن مثله المأخوذ للتمليك كما سيأتي التصريح به خلافا لما وقع في حاشية الشيخ ( قوله : ; لأنه ينقلها إلى أمانة أقوى ) يحتمل أن الضمير للقاضي إذ هو المحكوم عليه باللزوم : أي ; لأنه بقبوله ينقلها إلى أمانة أقوى وهو مستودع الشرع ، ويحتمل أنه راجع للملتقط : أي إنما لزم القاضي القبول ; لأن الملتقط ينقلها [ ص: 438 ] إلى أمانة أقوى فلزم القاضي مرافقته عند الرفع إليه حفظا لمال الغائب الذي هو من وظائفه ( قوله : فإن تلف فلا ضمان إلخ ) لا يخفى أن هذا مفهوم القيد في قوله ما لم يتلف بنفسه أو بغيره ، وفيه أن حكم المنطوق ومفهوم المخالفة واحد في كلامه وهو لا يصار إليه ، وعبارة التحفة التي تصرف فيها بما ذكر نصها : وقضية كلام شارح هنا أنه يكون أمينا في الاختصاص ما لم يختص به فيضمنه حينئذ كما في التملك وهو غفلة عما مر في الغصب أن الاختصاص يحرم غصبه ولا يضمن إن تلف أو أتلف انتهت .

                                                                                                                            وحمل الشيخ في حاشيته معنى الأمانة على خلاف الظاهر لما [ ص: 439 ] رأى أن الاختصاص لا يضمن ورتب عليه ما فيها بقطع النظر عن أصل مأخذ الشارح ( قوله : لكن عبارة القاموس إلخ ) قصده بذلك تعقب حصر الخطابي لمعنى العفاص على ما ذكره وليس قصده أن العفاص فيما فسره هو به من الوعاء حقيقي كما لا يخفى . ( قوله : لئلا تختلط بغيرها ) كأنه علة لأمره صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يعطفه عليه ، وأما قوله : وليعرف صدق واصفها فالظاهر أنه معطوف على قوله لأمره فتأمل . ( قوله : والظاهر أن مراده ) يعني المصنف [ ص: 440 ] قوله : إلا المسجد الحرام ) أي : في لقطته كما يصرح به ما بعده خلافا لما وقع في حاشية الشيخ ( قوله : من وقت التعريف ) قد يقال لا حاجة إليه مع قوله أن يعرف ، ( قوله : ومحلا ) انظر ما معناه هنا ( قوله : إلى أن يتم سبعة أسابيع ) التعبير بيتم ظاهر في أنه يحسب من السبعة الأسبوعان الأولان ( قوله : بحيث لا ينسى أن الأخير إلخ ) الظاهر أن الحيثية هنا [ ص: 441 ] حيثية تعليل لا حيثية تقييد ( قوله : رادا ) أي العراقي وشيخه البلقيني ( قوله : بحصول المقصود ) متعلق برادا ( قوله : فيجتهد ) أي : القاضي ( قوله : فإن أنفق ) أي : الملتقط ( قوله : وسواء في ذلك ) أي : ما ذكر في المتن من الوجوه الأربعة . ( قوله : اندفع ما قيل الأولى إلخ ) قال الشهاب سم : لا يخفى أن هذا إنما يدفع دعوى الفساد لا الأولوية [ ص: 442 ] قوله : ولا يشكل ذلك ) أي : ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم .




                                                                                                                            الخدمات العلمية